النهايات العصبية في الجلد


النهايات العصبية في الجلد

قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ النساء: 56.

الدلالة النصية:

إن احتراق الجلد على درجات، ولكن التعبير ﴿نضجت﴾ مما يعني الاحتراق الكامل، وحيث تدمر أعضاء مجهرية في الجلد، وهي تستقبل الإحساس بالألم، فلا سبيل حينئذ لاسترداد الإحساس إلا بتجديد الجلد المحترق.

قال الطبري في تأويل قوله تعالى: ﴿سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا﴾: “سوف ننضجهم في نار يصلون فيها،أي يشوون فيها، ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ﴾ كلما انشوت بها جلودهم، فاحترقت ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ يعني غير الجلود التي قد نضجت فانشوت ﴿لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾فعلنا ذلك بهم ليجدوا ألم العذاب وكربه وشدته بما كانوا في الدنيا يكذبون آيات الله ويجحدونها”

الحقيقة العلمية:

كان الاعتقاد السائد قبل عصر الكشوف العلمية أن الجسم كله حساس للآلام، ولم يكن واضحاً لأحد أن هناك نهايات عصبية متخصصة في الجلد لنقل الأحاسيس والألم حتى كُشف حديثا دور النهايات العصبية، وتبين أن الجلد هو العضو الأهم لاحتوائه على العدد الأكبر منها، وقد قام الدكتور هيد Head بتقسيم الإحساس الجلدي إلى مجموعتين: إحساس أساسي Protopathic  ويختص بالألم ودرجة الحرارة الشديدة؛ وإحساس دقيقEpicritic  ويختص بتمييز اللمس الخفيف والفرق البسيط في درجة الحرارة، وكل إحساس منهما: يعمل بنوع مختلف من الوحدات العصبية، ومع تجدد الأعصاب في الجروح يعود الإحساس الأساسي سريعاً بعد حوالي شهر ونصف، أما الإحساس الدقيق فقد يتأخر إلى عامين وقد لا يعود، والنهايات العصبية في الجلد تخصصية؛ كل منها مخصص بإحساس محدد مثل اللمس والضغط والحرارة والبرودة والألم، وتبعاً لمن اكتشفها أو قام بدراستها تسمى النهايات العصبية في الجلد بمسميات مختلفة مثل جسيمات مايسنر Meissner، وجسيمات ميركلMerkel ، وبصيلات كروز Krause، واسطوانات روفيني Ruffini، وقد أثبت التشريح النسيجي للأعصاب أن الألياف العصبية الخاصة بالألم والحرارة متقاربة، وإذا اشتدت الحرارة يتحول الإحساس بالحرارة إلى ألم.

وفي حالة الحروق تدمر تكوينات الجلد، وعلى حسب إصابة الطبقات الثلاث تقسم الحروق إلى درجات ثلاث: سطحي وجزئي وعميق، وفي الدرجة الثانية تصل الإصابة للأدمة ويعاني المصاب من فرط إحساس وآلام شديدة نتيجة لإثارة النهايات العصبية المكشوفة، وفي الدرجة الثالثة تحترق كل الطبقات ويشعر المصاب بخدر نتيجة تحطم النهايات العصبية، ولا سبيل لإعادة الإحساس إلا بتبديل الجلد بغيره، وما كان بوسع بشر قبل اختراع المجهر أن يعرف هذه الحقيقة التي أشار إليها القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً مضت.

وجه الإعجاز:

هكذا بين الله سبحانه وتعالى أن الجلد هو محل العذاب؛ فربط جلّ وعلاَ بين الجلد والإحساس بالألم، وأنه حينما ينضج الجلد ويفقد وظيفته يتلاشى الإحساس بالألم، فيستلزم استبداله بجلد جديد ليذوق العذاب.

وهذا ما أثبتته الحقائق العلمية في هذا المجال، مما يدل على أن الذي بلغنا ذلك هو رسول رب العالمين.