نظافة البيئة وأثرها على صحة المجتمع


نظافة البيئة وأثرها على صحة المجتمع

لقد حث الإسلام على نظافة الطرقات وأماكن التجمع: حيث حث النبي صلى الله عليه وسلم على إماطة الأذى عن الطريق، وعدم التخلي في طريق الناس وظلهم، فقال صلى الله عليه وسلم: (عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، وفي مساؤ أعمالها النخاعة تكون في المسجد ولا تدفن) رواه مسلم.

وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: (البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها) رواه مسلم، وأوصى صلى الله عليه وسلم بإزالة كل أذى من طرق الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: (أمط الأذى عن الطريق فإنه لك صدقة) رواه أحمد.

وقال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا اللعانين، قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس وفي ظلهم) رواه مسلم.

الدلالة النصية:

لقد حضت هذه النصوص على العناية بنظافة البيئة، حيث ورد فيها التوجيهات الهامة والتحذير من التسبب في إفساد الموارد الطبيعية من ماء وتراب وغير ذلك من ذرائع ووسائل نقل الكائنات الممرضة والأوبئة في سبق علمي مبهر.

الحقيقة العلمية:

إن الطعام والماء والهواء هي وسائل نقل الأوبئة بشكل رئيسي. ويعتبر تناول الأطعمة الملوثة من أهم وسائل انتقال الأمراض ، كالتيفود والزحار وشلل الأطفال والتهاب الكبد الفيروسي حيث تنتقل جراثيم المرض من براز المريض أو حامل المرض إلى الإنسان، وذلك عن طريق اليد أو الآنية. ونسبة حدوث ذلك تعتمد اعتمادا كبيرا على مستوى نظافة الفرد والبيئة وتطورها ، إن المناطق الباردة الرطبة وذات الظل ، تعتبر جوًا ملائمًا لنمو أغلب أنواع البكتيريا وبويضات الديدان ، وذلك لخلوها من تأثير الأشعة فوق البنفسجية القاتلة للجراثيم والبويضات. وبما أن البول والبراز يعتبران من مصادر هذه الجراثيم والديدان والبويضات ، حيث يحتوي الجرام الواحد من البراز على أكثر من مائة ألف مليون جرثومة ، وبعض الديدان منها تضع عدة آلاف من البويضات ، لذلك نصح رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، بعدم التبول والتبرز في الظل ، كما ذكرنا في حديث الذي يتخلى قي طريق الناس وظلهم.

كما أن نفخ الرذاذ وزفره يؤدي إلى انتقال كثير من الأمراض المعدية ، كالأنفلونزا وشلل الأطفال والنكاف والحصبة الألمانية ، والرشح والتهاب الحلق والجديري والسل ، وغيرها من الأمراض وخاصةً الفيروسية ، لذلك وجه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، أتباعه بعدم النفخ والتنفس في آنية الأكل والشرب : عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال :”»نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه«” رواه أبو داود .

وذلك منعاً لانتشار الأمراض المعدية، ومن هنا فقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم أتباعه بتغطية وجوههم أثناء العطاس،

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم “كان إذا عطس غطى وجهه بيديه أو بثوبه وغض بها صوته” رواه الترمذي. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه” رواه أحمد .

إن الإنسان حينما يعطس بغير حائل، ينتشر الرذاذ من فمه وأنفه لمسافة تتراوح حوالي ثلاثة أمتار، ويظل الرذاذ الدقيق معلقاً في الهواء، وهو مليء بعدد هائل من الكائنات الدقيقة تصل إلى ثلاثة مليون جرثومة في السنتيمتر المربع من الرذاذ المعلق.

فلنتخيل كم هي الآثار الضارة والمدمرة لهذا السلوك المشين ؟!.

وجه الإعجاز:

لقد وردت هذه النصوص التي تحض على العناية بالبيئة، والامتناع عما يفسدها منذ أربعة عشر قرناً، حيث كان البشر على جهالة تامة بعلم الميكروبات والكائنات الدقيقة التي تسبب في حصول الأوبئة والأمراض الفتاكة التي اُكتشفت في عصرنا هذا من خلال الاستعانة بوسائل التقنية الحديثة، مما يدل على أن النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم إنما تكلم بوحي من خالق الكون، فكان ذلك التطابق بين دلالة نصه الشريف والحقيقة العلمية الثابتة والمستقرة مثالاً للإعجاز العلمي.