مرحلة النشأة خلقا آخر


مرحلة النشأة خلقا آخر

قال تعالى: ﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾المؤمنون: 14

الدلالة النصية:

يقول الزمخشري في تفسير قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ﴾، ما نصه: “أي خلقاً مبايناً للخلق الأول مباينة ما أبعدها، حيث جعله حيواناً، وكان جامداً، وناطقاً وكان أبكماً، وسميعاً وكان أصم، وبصيراً وكان أكمه، وأودع باطنه وظاهره بل كل عضو من أعضائه، وكل جزء من أجزائه عجائب فطرة، وغرائب حكمة، لا تدرك بوصف الواصف”.

ولذلك قال الشنقيطي في أضواء البيان: “صار بشراً سوياً، بعد أن كان نطفة ومضغة وعلقة وعظاماً، كما هو واضح”.

الحقيقة العلمية:

ورد في كتاب علم الأجنة – من إصدارات الهيئة – تحت عنوان (النشأة خلقاً آخر) ما يلي: “يبدأ هذا الطور في الأسبوع التاسع، ويستمر حتى الأسبوع الثاني والعشرين، وتتضح في الجنين الصفات التالية:

  1. النمو السريع: والتطور الذي يتطابق مع معنى “النشأة” الذي تقدم، فالجنين ينمو ببطء بعد طور اللحم (الأسبوع التاسع) مباشرة، وحتى الأسبوع الثاني عشر، ثم يتسارع النمو جداً.
  2. تغير طبيعة الجنين وتطور أعضائه: فالهيكل العظمي يتطور من العظام الغضروفية اللينة، إلى عظام صلبة متكلسة، وفي الأسبوع الثاني عشر من الحمل تظهر مراكز التعظم في غالب العظام وتتمايز الأطراف، ولا سيما بين الأسبوعين التاسع والثاني عشر، ويظهر الشعر الزغبي على الجلد الذي يتمايز في هذه المرحلة إلى بشرة وأدمة، ويزداد حجم الجنين بسرعة بصورة عامة، ويتم التمييز بين الأعضاء التناسلية الخارجية بصورة واضحة في الأسبوع الثاني عشر، وتتطور العضلات الإرادية وغير الإرادية، ويظهر الجنين في هذه المرحلة بعض الحركات العادية الذاتية، وبعض التقلصات العضلية الانعكاسية إذا ما نبهت بمنبه خارجي.

وبصورة عامة فإن التطور الوظيفي للجهاز العصبي يوازي تطور الدماغ والحبل الشوكي، وتظهر الحركات البدائية والغريزية، كالمص والقبض بعد ذلك بفترة.

ومع ذلك فإن هذا التطور من مراحل التخلق يمثل مرحلة انتقالية للجنين).

وجه الإعجاز:

إن التطورات الكثيرة والدقيقة في هذه المرحلة من أطوار الجنين في بطن أمه، تتطابق تماماً مع ما ذكره ربنا جل وعلا في كتابه العزيز بقوله: ﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ﴾، فإذا ما لاحظنا أن الذي بلغنا هذا القرآن العظيم هو النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك البلاغ كان منذ أربعة عشر قرناً حيث كانت البشرية على جهالة تامة بهذه الحقائق، أدركنا أن المتكلم هو خالق الكون، مبدع الأجنة، أحسن الخالقين، وكفى بذلك مثالاً آخر من أمثلة الإعجاز العلمي الباهرة.