مدار الشمس


مــدار الشمس

قال تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ﴾يس: 37, ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾يس: 38, ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾يس: 39, ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾يس: 40

الدلالة النصية :

في هذه الآيات دلالات كثيرة نتوقف عند أهمها، والتي وردت في قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا﴾ حيث يفيدنا بأن للشمس مداراً يخصها تجري فيه بسرعة بالغة ودورية لتعود بشكل دائب إلى حيث ابتدأت ، وتتم دورة كاملة بالنسبة للتشكيلات النجمية خلفها في فترة ثابتة مقدرة بتقدير الله عز وجل .

الدلالة العلمية:

في القرن السابع عشر توصل كبلر  Kepler إلى أن مدارات الكواكب غير كاملة الاستدارة ) إهليلجية( Elliptical ، وفي منتصف القرن التاسع عشر اكتشف كارينغتون  Carrington أن الشمس تدور حول نفسها من خلال تتبّعه للبقع السوداء على سطحها، وهكذا تقدمت المعرفة شيئا فشيئا، حتى تأكد اليوم أن الأرض وجميع أجرام السماء في حركة دائبة كل في مدار مقدر يقطعه في أجل محدد، وتبن يأن الشمس تقع في الثلث الخارجي لمجرتنا التي تسمى درب التبانة أو الطريق اللبني Milky Way ، وتقطع الشمس مدارها ومعها جميع توابعها حول مركز المجرة في حوالي: 250 مليون سنة، بينما قد أعلن القرآن قبل ذلك بحوالي عشرة قرون أن كل الأجرام تجري. أي أن لكل جرم فلكاً يخصه أو مداراً يقطعه كاملا في نهاية دورته ، وهكذا ورد الوجه في التف سير بأن معنى )المستقر( هو نهاية أجلها في مدارها أو موضع بدء تحركها كمسافر ارتحل من دياره ومر خلال سيره بمنازل قبائل معلومة كمعالم على الطريق إلى أن عاد إلى مستقره، وكأنه تمثيل لدورة تقطعها الشمس بالنسبة لمجموعات نجوم تبدو لبعدها الشديد ثوابت، ورغم الجري لا تبلغ مستقرها هذا إلا بعد أمد بعيد مقدر لها، وينسجم هذا الوجه كذلك مع التعقيب بأن للقمر منازل بالمثل؛ خاصة مع التعميم: ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾، ومع البيان في الآية اللاحقة أن لكل منهما سرعته، و أن جهتي الأرض )الليل والنهار( يتسابقان متحاذيان بيانا لحركة الأرض بالمثل، وينسجم كذلك مع البيان بأن الحركة المدارية لكل من الشمس والقمر كنموذج لحركة كافة الأجرام مقدرة بحساب دقيق لا تصنعه مصادفة في قوله تعالى: ﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾الأنعام: 96، خاصة مع التعقيب بنفس اللاحقة في الآيتين: ﴿ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾

وجــه الإعـجـاز:

إن تصريح القرآن في الآيات التي مرت معنا بجريان الشمس، وحركتها الدؤوب في مسار ثابت، ومن ضبط وفق نظام دقيق كان مجهولاً وقت التنزيل ، وقد جاء الكشف العلمي مبرزاً هذه الحقيقة ومطابقاً تماماً لدلالة ما حدثنا عنه القرآن قبل أربعة عشر قرناً فظهر وجه الإعجاز العلمي بشكل جلي لإخفاء فيه.