مأكولات حرم الإسلام تناولها


مأكولات حرم الإسلام تناولها

قال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾المائدة: 3.

الدلالة النصية:

إن لحوم الميتة والدماء المسفوحة، هي أولى الخبائث التي حرمها الله سبحانه وتعالى، وقد أثبت العلم أن ذلك في المصلحة التي تتجلى بدرء أخطار عديدة عن الإنسان، فقد تنتقل الكائنات الدقيقة للإنسان عن طريق أكل لحم الحيوانات الخازنة أو المصابة بها أو تناول منتجاتها، لذلك حرم الإسلام أكل لحومها، فحرم أكل لحوم الحيوانات الميتة والدم وأكل لحم الخنزير والسباع والطيور الجارحة، وكل الحيوانات والطيور التي تتغذى على القاذورات.

الحقيقة العلمية:

لقد أثبت العلم أن لهذه الحيوانات التي حرمها الله، وكذلك لحم الميتة والدم، أخطار جسيماً لكونها تشكل بؤراً خطيرة لتجمعات هائلة، وخطيرة من الكائنات الدقيقة الفتاكة للإنسان، ومن ذلك:


1. أخطار أكل لحم الميتة:

حيث تحقق ضرر لحوم الميتة علمياً، وظهر خطرها على حياة الإنسان، وذلك لأن احتباس دم الميتة في عروقها المتشعبة إلى أنسجتها ييسر للجراثيم التي تعيش متطفلة على الحيوان في الفتحات الطبيعية للأمعاء والجلد أن تنتشر بسرعة وسط اللحم من خلال السائل الزلالي في الأوعية والعروق، وتتكاثر وينتج عنها مركبات كريهة الرائحة سامة التأثير، كما قد يموت الحيوان بسبب مرض معين، فتنتقل جرثومة المرض إلى الإنسان فتؤذيه، وقد تهلكه كما في مرض السل والجمرة الخبيثة وجراثيم السلمونيلا وداء الكلب، وقد حرم الله سبحانه وتعالى أيضاً الميتة بسبب الاختناق، أو بسبب الرض، سواء كان ذلك الرض بالوقذ، أو التردي من مكان عالِ، أو بواسطة النطح من حيوان آخر، وكذلك ما أكل السبع، لأن تلك الأنواع إضافة إلى أن دماءها محتبسة في أنسجتها، وما ينتج عن ذلك من الأخطار المذكورة في الميتة، إلا أن الاختناق يزيد من سرعة تعفن الجثة، والرد يسبب انتشاراً للدم تحت الجلد وداخل اللحم والأنسجة في الأماكن المرضوضة، وقد تكون بها سجحات وجروح تسهل دخول جراثيم الهواء إلى داخل الأنسجة، فتعجل بتحللها وفسادها، وما تحمله السباع من جراثيم وكائنات دقيقة فتاكة بين أنيابها تؤدي نفس النتيجة بأنسجة الحيوان ولحمه مما يجعله يشكل خطراً داهماً على حياة الإنسان حينما يؤكل لحمه.

  1. أخطار أكل الدم المسفوح:

يعتبر الدم من أصلح الأوساط لنمو شتى الجراثيم وانتشارها، وحينما يسفح الدم بالذبح أو القصد، فإنه ينعزل عن الأوعية الدموية وتفقد كريات الدم البيضاء قدرتها على إلتهام الجراثيم، وتموت خلايا جهاز المقاومة والمناعة، وتنهدم آلياته، فتتكاثر الجراثيم بسرعة مذهلة وتفرز سموماً (Toxins) فتاكة قد تكون أشد مقاومة لحرارة الطبخ من الجراثيم ذاتها.

  1. أخطار أكل الجلالة:

كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة، وشرب ألبانها، وأكل الحمر الأهلية.

روى البيهقي والبزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلالة وشرب ألبانها وأكلها وركوبها)، والجلالة هي كل دابة تأكل الأقذار وخصوصاً العذره التي تعتبره بيئة خصبة لنمو وتكاثر الديدان والطفيليات والجراثيم الضارة، إذ تحتوي على عدد هائل منها، يزيد على المائة بليون جرثومة في الجرام الواحد.

لذلك فالعذره تشكل مخزناً ومصدراً رئيسياً للخطر، كما أثبتت الأبحاث العلمية أن الأقذار تحتوي على نسبة عالية ومتنوعة من السموم الخطرة على صحة الإنسان، فإذا تناولها إنسان أو طير انتشرت هذه الجراثيم في دمه ولحمه، وترسبت هذه السموم في أنسجته، وعندما يتناول الإنسان لحم هذا الحيوان أو لبنه يصاب بالعلل والأمراض.

  1. أخطار أكل الحيوانات المفترسة والطيور الجارحة:

حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل بعض الحيوانات، لخطر يحيق بالإنسان، أو ضرر يصيبه، فحرم كل ناب من السباع أو مخلب من الطير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير) رواه أحمد.

وروى مسلم أيضاً عن أبي هريرة قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل ذي ناب من السباع فأكله حرام).

كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحيوانات شديدة الضرر على صحة الإنسان كالفأر من القوارض، والغراب والحدأة من الطيور الجارحة، والكلب العقور من السباع المدجنة، والحية من الزواحف، حيث ينتشر طفيل (الشعرنية ناتيفا) بين الدببة والثعالب القطبية، ويصاب الإنسان بها فور تناول لحوم هذه الحيوانات، أو الحيوانات الحاضنة لهذا الطفيل بصورة ثانوية كالقطط، كما ينتشر طفيل (ترخينلا نلسوني) في الضباع، وبنات أوى، والنمور، والأسود، وبعض الحيوانات المفترسة الأخرى، وتقع معظم الإصابات البشرية في إفريقيا بتناول لحم الخنزير الداجن والوحشي، وهما حاضنان ثانويان لهذا الطفيل، لأنهما يتغذيان على الجيف، كما تنتشر الطفيليات التي تعرف بالشعرينات شبه الحلزونية (ترخيليا سود وسيـبرا ليس) في الطيور الجوارح (ذات المخلب)، ويصاب الإنسان بالعدوى إذا تناول لحم الجوارح من الطيور كالنسور والعقبان والصقور وغيرها، وإصابة الإنسان بهذه الطفيليات والكائنات الدقيقة الخطيرة تؤدي بحياة الإنسان إلى الأمراض والهلاك.

وجه الإعجاز:

مما سبق بيانه حول هذه المحظورات من أطعمة وغير ذلك، ندرك نهي الله عز وجل ونهي رسوله صلى الله عليه وسلم عن كل ما ورد معناه، جاء مطابقاً لما توصلت إليه قناعة الأطباء وعلماء التغذية نتيجة تجاربهم ومشاهداتهم في هذا المجال.

وبذلك ثبت يقيناً أن هذا الكلام هو وحي من الخالق جل وعلا، وأن الذي بلغنا بذلك، هو رسول حق وصدق … وبالله التوفيق…