كروية الأرض


كروية الأرض

قال تعالى: ﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ الزمر: 5.  

 

الدلالة العلمية:

في قوله تعالى: (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ)؛ يستقيم حمل الليل والنهار على موضعه من الأرض، فالليل يحل محل النهار، والنهار يحل محل الليل باستمرار، ولا يكون هذا إلا للشكل الكروي الذي يدور حول نفسه باستمرار أمام مصدر الضوء؛ خاصة مع استخدام القرآن الكريم الفعل المضارع الدال على التجدد والاستمرار: (يكور)، ويتفق الوصف مع النظرة الفلكية اليوم من أن الأرض كروية تدور حول نفسها يوميا أمام الشمس فيتتابع الليل والنهار.  

 

التوافق مع العلوم الحديثة:

كانت الفكرة السائدة حتى بعد عصر نزول القرآن الكريم بقرون أن الأرض مسطحة ترتكز السماء على أطرافها كقبة، وبالتدريج تبلورت الفكرة بكروية الأرض، فيظهر من بعيد شراع السفينة القادمة نحو الشاطئ، وأخيراً تظهر السفينة مما يدل على كرويتها، وتعتبر رحلة ماجلان هي أول رحلة بحرية تدور حول الأرض في الفترة ما بين عام 1519م وعام 1522م، وفي عصر الفضاء ظهرت الأرض جلياً كروية، فلو كانت الأرض منبسطة لوجب أن يكون على سطحها شروق واحد وغروب واحد، فتنير الشمس كامل سطحها حين تشرق ويحتجب النور عن كامل سطحها حين تغرب.

وبما أن الأرض كروية فإن الشمس حينما تشرق عليها تنير الجهة الشرقية منها فقط، وتظل الجهة الغربية محجوبة عن النور في حالة ظلمة. ويجري العكس حينما تشرق الشمس على الجهة الغربية منها… وهذا الأمر لا يأتي إلا من كون الأرض كروية الشكل، حيث إن التكوير عادة لا يحدث ولا يتم إلا حول جسم كروي.

إنك لو جئت بشيء ولففته حول كرة فتقول أنك كورت هذا الشيء، وحيث إن الغلاف الجوي للأرض يحيط بالأرض مشدوداً إليها بقوة الجاذبية من جميع الجهات، فإن هذا الغلاف يأخذ شكل الأرض.

وحيث إن ضوء النهار ينشأ بالتشتيت على ذرات وجسيمات هذا الغلاف فإن النهار والليل متكوران على الأرض، وبهذا فإن الآية الكريمة تصرح بل كما يقول ابن حزم تنص على كروية الأرض، بدليل كروية غلافها الجوي بنهاره أو ليله.

 

وجه الإعجاز:

إذا لاحظنا دلالة النصوص القرآنية على كروية الأرض مما سبق ذكره في دلالة النص الشريف وأن تلك الدلالة وردت في النص منذ أربعة عشر قرناً، حيث كان البشر يتشبثون بالفكرة التي كانت سائدة آنئذ، والتي مفادها أن الأرض مسطحة، ومن ثم جاءت الكشوف العلمية الحديثة التي ابتدأت برحلة ماجلان، والتي أثبتت كروية الأرض بشكل لا مرية فيه، فيثبت بذلك التطابق بين دلالة النص القرآني وما استقرت الحقيقة العلمية فكان في ذلك مثالاً آخر على الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والله أعلم.