قدرة الله وسلطانه في أهل الكهف


من أبحاث المؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بدولة الإمارات-دبي 1425هـ -2004م
د. مجدي ابراهيم السيد
وَإنَّنَا فِي البِدَايَةِ نَلْفِتُ الانتِبَاهَ إلى أنَّ مَعَانِي الهِدَايَةِ وَالإرْشَادِ فِي القُرْآنِ الكَرِيم ، لَمْ تَرِدْ عَلَى نَسْقٍ وَاحِد، وَلَكِنْ تَعَدَّدَتْ أسَالِيبُ البَيَانِ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ بَيْنَ النَفْي وَالتَقْرِيرِ وَالتَرْغِيبِ وَالتَرْهِيبِ وَالوَعْدِ وَالوَعِيدِ وَالسُؤالِ وَالجَوَابِ وَالأمْرِ وَالنَهْيِ وَالقِصَّةِ وَالمِثَال، إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الطَرَائقِ الحَكِيمَةِ فِي هَذَا الشَأن. ثُمَّ إنَّنَا لا نَسْتَطِيعُ أنْ نَتَنَاوْلَ أسَالِيبَ وَأوْجُهَ المَعَانِي لِلقُرْآنِ الكَرِيمِ بالحَصْرِ فِي أُطُرٍ مُعَيَّنَة _ كما هُوَ الحَالُ فِي أحَادِيث ِ النَّاس _ لأنَّ كَلامَ اللهِ لَيْسَ مِثْلَ كَلامِ النَّاس. فَإذَا كَانَتْ القِصَّةُ فِي حَدِيثِ النَّاسِ لا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا مَجْمُوعَةً مِنَ الأخْبَار ، قَدْ تَسْتَنِدُ إلى الوَاقِعِ أوْ إلى الخَيَال، ثُمَّ تَنتَهِي إلى هَدَفٍ أوْ إلى مُجَرَّدِ سَرْدٍ لِلأحْدَاث ، فَلَيْسَ هَذَا هُوَ الحَالُ فِي قَصَصِ القُرْآن. إنَّ مِنَ المَعَالِمِ المُمَيِّزَةِ لِلقَصَصِ القُرْآنِي، أنَّهُ حَدِيثُ صِدْقٍ لا يُبْنَى عَلَى الخَيَالِ أوْ الأوْهَام، بَلْ يَقُومُ عَلَى الوَاقِعِ وَاليَقِين، كَمَا أنَّه لَيْسَ مِنَ الأمُورِ الغَرِيبَةِ أوْ الغَامِضَةِ الَّتِي لَيْسَ لِلنَّاسِ عَهْدٌ بِِهَا ، وَإنَّمَا أحْدَاثُ قَصَصِهِ ثَابِتٌ ذِكْرُهَا فِي كُتُبِ الدِيَانَات، أوْ عُرِفَتْ فِي تَنَاقُلِ النَّاس وَمَا بَقِيَ عَنْهُمْ مِنْ آثَار. ثُمَّ إنَّ القَصَصَ فِي القُرْآنِ الكَرِيم _ قَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ _ مَعْلَمُ هِدَايَةٍ وَإرْشَاد، فِِيهِ العِبْرَةُ المُسْتَنبَطَةِ مِنْ حَقِيقَةِ أحْوَالِ السَابِقِين؛ فَتُعْرَفُ مِنْهُ عَاقِبَةُ الكُفْرِ وَالبَغْيِ وَالطُغْيَان، وَيُسْتَدَلُّ مِنْهُ عَلَى كَيْفِيَّةِ تَطْبِيقِ مُقْتَضَيَاتِ الإيمَانِ فِي الحَيَاة. وَإذَا كَانَتْ القِصَّةُ النَّاجِحَةُ تَمَسُّ جَانِبَاً مِنْ جَوَانِبِ الحَيَاةِ لِجَمَاعَةٍ مِنَ النَّاس ، فَإنَّنَا نَسْتَطِيعُ القَوْلَ بِأنَّ قَصَصَ القُرْآنِ يَمَسُّ جَمِيعَ جَوَانِبِ الحَيَاةِ لِكُلِّ النَّاس، وَأنَّ فِيهِ الإجَابَةَ المُفَصَّلَةَ لِكُلِّ مَا يَعْتَرِضُنَا فِي هَذِهِ الحَيَاة. لِذَلِكَ لا نَجِدُ أدَقَ الوَصْف، لِلقَصَصِ فِي القُرْآنِ الكَرِيم