فذوره في سنبله


فذوره في سنبله

 يقول الله تبارك وتعالى: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾يوسف: 46, ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ﴾ يوسف: 47, ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾يوسف: 48

الدلالة النصية:

في قوله تعالى: ﴿فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ﴾ إفادة بأن التخزين مع إبقاء الحبوب في سنابلها هو أحسن التقنيات والأساليب للحفاظ على الحبوب المحفوظة داخل السنابل من غير أن ينال منها الزمن.

الحقيقة العلمية:

يعد مفهوم تخزين البذور في السنابل نظاما أساسيا للحفاظ على الإنتاج في ظروف بيئية قاسية. وهذا ما يجمع بين الزراعة وتقنيات التخزين والحفاظ على المنتج ، وهو ما يسمى بتدبير الإنتاج.

وقد اجري بحث تجريبي حول بذور قمح تركت في سنابلها لمدة تصل إلى سنتين مقارنة مع بذور مجردة من سنابلها ، وأظهرت النتائج الأولية أن السنابل لم يطرأ عليها أي تغيير صحي وبقيت حالتها  سليمة 100%. مع العلم أن مكان التخزين كان عادياً، ولم يراع فيه أي شروط للحرارة، أو الرطوبة أو غير ذلك . وفي هذا الإطار تبين أن  البذور التي تركت في سنابلها فقدت كمية مهمة من الماء، وأصبحت جافة مع مرور الوقت بالمقارنة مع البذور المعزولة من سنابلها ، وهذا يعني أن نسبة 20.3% من وزن القمح المجرد من سنبله مكون من الماء مما يؤثر سلباً على مقدرة هذه البذور من ناحية زرعها ونموها، ومن ناحية قدرتها  الغذائية لأن وجود الماء يسهل من تعفنه وترديه الصحي.

ثم قام الباحثون بمقارنة مميزات النمو (طول الجذور وطول الجذوع) بين بذور بقيت في سنبلها وأخرى مجردة منها لمدة تصل إلى سنتين، فتبين أن البذور في السنابل هي أحسن نمواً بنسبة 20% بالنسبة لطول الجذور و 32% بالنسبة لطول الجذوع. ثم قام الباحثون بتقدير البروتينات والسكريات العامة التي تبقى بدون تغيير أو نقصان، ففي البذور التي عزلت من السنابل انخفضت كمية البروتينات فيها بنسبة 32%  بعد سنتين من التخزين وبنسبة 20% بعد سنة واحدة. بينما لم تتغيرهذه المركبات في البذور المحفوظه في سنابلها.

وجه الإعجاز:

ومن المعلوم أن هذه الطريقة لم تكن متبعة في القدم وخاصة عند المصريين القدامى الذين كانوا يختزنون الحبوب على شكل بذور معزولة عن سنابلها، وهذا يعتبر وجهاً من وجوه الإعجاز العلمي في تخزين البذور والحبوب في السنابل حتى لا يطرأ عليها أي تغير أو فساد. وذكر القرآن لهذه الظاهرة يؤكد عظمته ودقة ما فيه من علم، وأنه وحي من الله.