- info@almoslih.net
- | الخميس 23-10-1445 (02-05-2024)
عواقب الإباحية
قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ الإسراء: 32، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ الأنعام: 151، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عبدالله بن عمر : “.. لَمْ تَظْهَرْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمْ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ الَّذِينَ مَضَوْا..” رواه ابن ماجة، وقال أيضًا: (..ولا فشي الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت) رواه الإمام مالك في الموطأ.
الدلالة النصية:
جاء النهي عن الزنا خاصة والفواحش عامة بصيغة ﴿وَلَا تَقْرَبُوا﴾، وفيها النهي حتى عن الاقتراب تشديداً بياناً للعواقب الوخيمة التي تحصل جراء تعاطيها من عدة نواحي قد أطلقها التعبير ﴿وَسَاءَ سَبِيلًا﴾، فامتدت لتشمل النواحي الصحية والوبائية بأمراض غير معهودة مسبقا تنتهي عادة بالموت كما بينها الحديث الشريف، ويكفي مرض نقصان المناعة (الإيدز) ليكون شاهدا لكتاب ربنا، وأحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم.
الحقيقة العلمية:
كشف العلم حديثاً خلال القرنين الماضيين فقط أن هناك مجموعات من الكائنات الدقيقة كالبكتريا والفطريات والفيروسات لا تنتقل للإنسان إلا عن طريق الممارسات الإباحية في غير إطار الزواج الشرعي؛ وما كان منها بين الرجال والرجال، وإذا اتسعت دائرة هذه العلاقات فإن المجتمع مهدد بأمراض وبائية غبر مسبوقة؛ لأن هذه الكائنات تغير خواصها باستمرار مما يجعلها مستعصية على العلاج، ولا يستطيع الجسم مقاومتها، لأنها تفتك بجهاز المناعة كما هو حاصل في مرض نقصان المناعة (الإيدز).
وكشف لنا القرآن الكريم وفق ما فسره الحديث النبوي عن سنة اجتماعية عامة يمكن أن تقع في أي مجتمع تتكون من مقدمة ونتائج: فالمقدمة شيوع العلاقات المحرمة كالزنا والعلاقات الشاذة في المجتمع وعدم تجريمها والرضا بها والترويج لها؛ وهو ما اصطلح عليه بالإباحية الجنسية Porno، وهذه متضمنة في قوله صلى الله عليه وسلم : (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها)، والنتائج المترتبة على هذه الإباحية والخلاعة هي شيوع الأمراض الجنسية وانتشارها بصورة وبائية مدمرة، وظهورها بصور جديدة في الأجيال التالية، وهو ما تضمنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا)، هذا وقد تحققت هذه السنة الجارية في كثير من المجتمعات الغربية اليوم، فقد انتشرت فيهم العلاقات المحرمة والشاذة، وارتضوها كسلوك اجتماعي، بل وروجوا لها بكل طرق الإعلام المتاحة، يقول الدكتور شوفيلد في كتابه الأمراض الجنسية: “لقد انتشر تساهل المجتمع تجاه كافة الممارسات الجنسية ولا يوجد أي إحساس بالخجل من الزنا والعلاقات المثلية.. ، بل إن وسائل الإعلام جعلت من العار علي الفتي والفتاة أن يكون محصنا”، وهكذا صارت العفة في المجتمعات الغربية مما يندي له جبين المرء ، فوسائل الإعلام تدعوا وتحث علي الإباحية باعتبارها من دواعي الحرية مهما كان الضرر، تقول دائرة المعارف البريطانية:” إن الشاذين قد خرجوا من دائرتهم السرية إلي الدائرة العلنية، وقد أصبح لهم نواديهم الخاصة وحدائقهم وسواحلهم ومسابحهم“.
لقد أصبح تمجيد البغاء فناً يدرس، والعلاقات الشاذة حرية؛ بل قد أباحت كثير من الكنائس الغربية الزنا والمثلي،ة فيتم عقد قران الرجل علي الرجل علي يد القسيس في بعض كنائس الدول الغربية، وتكونت آلاف الجمعيات والنوادي التي ترعي شئون الشاذين، وبهذا تحققت المقدمة لهذه السنة وتحققت النتائج.
وجه الإعجاز:
لقد ظهرت عواقب الإباحية في صورة وبائية فأوقعت الكثير من الضحايا، فقد شهد العالم موجات كاسحة من انتشار وباء الزهري Syphilis علي فترات منذ أن ظهر لأول مرة عام 1494 فقضي علي مئات الملايين من الأشخاص في القرون الخمسة الماضية، وحطم حياة ملايين أخري، وما زالت جرثومة المرض تغير من خواصها، وتهاجم الإنسان من حين لآخر، وتصدر مرض السيلان Gonorrhea قائمة الأمراض المعدية؛ فهو أكثر الأمراض الجنسية شيوعا في العالم، وأخيرا عام 1983 ظهر مرض الإيدز Aids الذي يدمر فيروسه جهاز المناعة في الإنسان؛ ومن ثم يستطيع أي كائن دقيق أن يهاجمه، وإذا لم ينته به إلى الموت فإنه يذيقه من الآلام والأوجاع ما يجعله عبرة لمن يعتبر، وآية على صدق النبوة الخاتمة.
Related References: