طور النطفة


طور النطفة

قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾المؤمنون: 13.

الدلالة النصية:

هو الطور الأول الذي يحصل في أحشاء وبطون الأمهات في بداية حملهن، حيث يتم تلقيح الحوين المنوي من ماء الرجل المقذوف لبييضة الزوجة، وذلك لأن كلمة نطفة تطلق في اللغة على الماء القليل ولو قطرة ، وفي الحديث: ” وقد اغتسل ينطف رأسه ماء ” رواه مسلم، وقد أطلقها الشارع على المرحلة الأولى من تشكل الجنين بعد إلتقاء  مني الرجل ومني المرأة ، وفي الحديث: “من كل يخلق، من نطفة الرجل ونطفة المرأة ” رواه أحمد، وفي صحيح مسلم: ( ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر…)،  قال الألوسي: “والحق أن النطفة كما يعبر بها عن مني الرجل يعبر بها عن المني مطلقاً”.

 كما أطلقها الشارع أيضا على امتزاج نطفتي الرجل والمرأة،وسماها النطفة الأمشاج في قوله تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾الإنسان: 2، وقد ذكر المفسرون من قول الصحابي ابن عباس رضي الله عنهما، وبعض علماء التابعين كمجاهد وغيره أن النطفة الأمشاج، بأنها النطفة المختلطة التي اختلط وامتزج فيها ماء الرجل بماء  المرأة.

الحقيقة العلمية:

في مرحلة النطفة ينثر الحوين المنوي الجينات الوراثية بنظام كامل، فتتشكل جزيئات الدنا والبروتينات والصبغيات السينية والصبغات الصادية (المذكرة والمؤنثة) وبقية مفردات الخارطة الوراثية.

ويذكر الدكتور كارم السيد غنيم في كتابه (الاستنساخ والإنجاب بين تخريب العلماء وتشريع السماء) أن هذه المرحلة يرافقها الظواهر الأربعة التالية:

  1. إفراز البويضة مواداً تمنع دخول أي حيوان منوي آخر.
  2. انطلاق طاقة جهدية كامنة في البويضة.
  3. تدفق أيونات الكالسيوم.
  4. انقسام البويضة عدة مرات.

في هذه المرحلة تتميز البويضة الملقحة بتطوراتها العديدة ،والتي لا تزال تأخذ شكل قطرة الماء ، ولها خاصية الحركة الانسيابية كقطرات الماء تماماً، وينتهي هذا الطور بتعلق الكيسة الأريمية ببطانة الرحم في نهاية الأسبوع الأول من التلقيح ؛ وهي الصورة الأخيرة للنطفة الأمشاج، والتي ما زالت تحافظ على شكل قطرة الماء بالرغم من تضاعف خلاياها أضعافا مضاعفة ، وحينما يفقد هذا الطور حركته الانسيابية، ويتعلق ببطانة الرحم ، يتحول إلى طور جديد هو طور العلقة.

وجه الإعجاز:

إن إخبار الآية الكريمة بأن الإنسان يتخلق من النطفة، جاء في زمن لم يكن يخطر على بال أي إنسان بأن الإنسان يتشكل من مائي الرجل والمرأة، وأن النتيجة من ذلك اللقاء تشكل إنسان بكل صفاته، كما يقول تعالى: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾، وجاء العلم الحديث ومن خلال اكتشاف الخارطة الوراثية والتي تتشكل في مرحلة النطفة، ليطابق ما ورد في نص الآية الكريمة التي نزلت على محمد النبي الأمي، فكان في ذلك إعجاز وأي إعجاز مصادقاً لقوله تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ فصلت:53.