تكوين الحبوب من المادة الخضراء
قال الله تعالى: ( وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )الأنعام: 99.
الدلالة النصية:
)فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا (: أي من النبات. ) خَضِرًا (: أي شيئاً غضاً أخضر . )نُخْرِجُ مِنْهُ(: أي من الخضر. )حَبًّا مُتَرَاكِبًا(: أي بعضه على بعض. )وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا(: الطلع: غلاف يشبه الكوز ينفتح عن حبّ منضود فيه مادة إخصاب النخلة.
قِنْوَانٌ): جمع قنو، وهو العذق الذي هو عنقود النخل).
)وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ(: أي وأخرجنا جنات من أعناب.
)وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ(: مشتبهاً ورقها مختلفاً ثمرها، وقيل متشابه في المنظر مختلف في المطعم.
يقر القرآن الكريم أن المادة الخضراء هي أصل في تكوين كل المواد التي تنتج منها الأزهار والثمار وتنمو بها الزروع والأشجار، وبالتالي فإن ما يتفق به الإنسان من مختلف الغراس والمزروعات ترجع في أصل الأنعام بها إلى ذلك اليخضور.
الحقيقة العلمية:
هذه المصانع الخضراء تخرج من النبات عند بدء نموه، والنبات يخرجه الماء من بذوره وأصوله. ويخرج من النبات هذه الأوراق أو المصانع الخضراء التي منها تخرج المواد الغذائية التي تتكون منها الحبوب والثمار بل وسائر أجزاء النبات. وهذه الحقيقة جهلتها البشرية ، ولم تعرفها إلا بعد بحث استغرق ثلاثمائة عام ، بداية من عام 1600م ، حيث أجرى علماء فسيولوجيا النبات أبحاثاً وتجارب كثيرة لمعرفة عملية البناء الضوئي. ففي عام 1804م نشر “دي سواسير” أن هناك نوعين من التبادل الغازي، أحدهما يحدث في الضوء والآخر في الظلام، وأن الأجزاء الخضراء هي التي تمتص ثاني أكسيد الكربون، وتطلق الأوكسجين في الضوء. واستمرت الاكتشافات المتواصلة في هذا المجال. وفي عام 1942م قال “ماير”: “إن المصدر النهائي للطاقة المستخدمة في كل من النبات والحيوان هي الشمس، وإن الطاقة الضوئية عندما تمتص في النباتات تتحول إلى طاقة كيماوية عن طريق التمثيل الضوئي”
وقال جلاس 1961م: (إن المركبات الأكثر أهمية في تحويل الطاقة الضوئية إلى طاقة كيميائية في النبات هي الصبغات التي توجد داخل البلاستيدات الخضراء ” أو حاملات الصبغات”). معقدة ينتج عنها بناء خامات الجدار الخلوي والأحماض النووية والبروتينات والدهون والهرمونات النباتية والصبغات… الخ.
وجه الإعجاز
ومن عظمة القرآن الكريم أن يذكر الحقيقة، وأن يأخذ بأيدي الناس للوقوف على أول الطريق لمن أراد معرفة السر فيقول: “انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه”، فهو يوجه النظر إلى بداية تكون الثمرة وعلاقتها بالإيناع الذي يتوقف عنده إنتاج تلك الثمار بسبب اصفرار أوراق بعض النباتات وموت خلاياها.
فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه الحقيقة ؟ إن اشتمال القرآن على هذه المعلومات النباتية الدقيقة يشهد أنه من عند الله القائل:﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا﴾النساء: 166.
Related references: