النجم الثاقب


النجم الثاقب

قال تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ. النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ الطارق: 1-3،

الدلالة العلمية:

في قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ. النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ الطارق: 1-3؛ الأصل هو حمل لفظ (النجم) على ظاهره كاسم جنس لأحد أنواع النجوم السماوية المتميزة بالصفات المذكورة لانعدام أية قرينة صارفة؛ خاصة مع التصريح بموضع وجوده بلفظ (السماء)، ويتضمن الوصف بيان سطوع ما يصدره من ضوء وطاقة نافذة، وأنها تأتي متتابعة بهيئة نبضات تماثل الطرق على الأبواب؛ مما يستقيم معه حمل الوصف على النجوم البراقة النابضة Pulsars، وهي نوع غير معروف سابقا من النجوم؛ مما يجعل بيانه آية على الوحي لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ﴾، والعدول عن لفظ (اللامع) أو (البراق) إلى (الثَّاقِبُ) يتجاوز معنى سطوع أشعته إلى ظاهر الثقب للأجسام المادية؛ فهو إذن بالإضافة للضوء الساطع يصدر إشعاعا يمكنه العبور خلال المواد، وهذا يطابق فيزيائيا الجسيمات الشبحية Neutrino.       

التوافق مع العلوم الحديثة:

جاء القسم هنا بنجم سماوي متميز الصفات‏ مجهول زمن التنزيل كما تفيد العبارة الصريحة: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ﴾،‏ فقد جاء مقرونا بالسماء، وهو ثاقب وطارق،‏‏ ولا تنجلي تلك الأوصاف إلا بمعرفة دقيقة لطبيعة النجوم وأنواعها ومراحل تكونها‏،‏ فمثل كل الإشارات الكونية في القرآن‏ لابد من توظيف المعارف العلمية لفهم دلالاتها‏ وفق الإطار اللغوي زمن التنزيل‏، والنجوم أجرام سماوية ملتهبة ‏ومضيئة بذاتها‏،‏ وتنطلق منها كميات هائلة من الطاقة نتيجة الاندماج النووي علي هيئة عدد من الإشعاعات الكهرومغناطيسية كالضوء والحرارة، وفي مراحل لاحقة تتوقف عملية الاندماج النووي‏، ويدخل النجم في مرحلة الاحتضار، وتتباين النهاية تبعا لكتلة النجم، فقد يتحول إلى عملاق أحمر، أو قزم أبيض، أو مستعر أعظم، أو ثقب أسود.

فقد يبدأ النجم في الاحتضار‏‏ بالتوهج الشديد علي هيئة عملاق أحمر ‏Red Giant؛ إذا كانت كتلته في حدود كتلة الشمس، أو ينفجر بهيئة مستعر أعظم Supernova؛ إذا فاقت كتلته كتلة الشمس بعدة مرات‏،‏ أما النهاية في حالة النجوم فائقة الكتلة فهي الثقب الأسود Black hole،‏ والمستعرّ الأعظم تعبير يدل على انفجار نجم تفوق كتلته 8 مرات كتلة الشمس مع إصدار إشعاعات شديدة البريق سرعان ما تخبو في غضون أسابيع أو أشهر، وقد تبلغ شدة إضاءة النجم أكثر من مليون مرة قدر إضاءة الشمس‏،‏ ومن أهم هذه المراحل المتأخرة في حياة النجوم ما يعرف باسم النجوم النيوترونية النابضة أو النوابض ‏ Pular،‏ وهي نجوم شديدة التضاغط ترسل بنبضات منتظمة من الأشعة الراديوية المتسارعة في كل جزء من الثانية‏،‏ أو في كل عدد قليل من الثواني‏،‏ وقد يصل عدد النبضات إلي ثلاثين نبضة في الثانية‏،‏ ويعتمد عدد النبضات علي سرعة دوران النجم حول محوره‏،‏ حيث أنه من المعتقد أن كل دورة كاملة للنجم حول محوره تصاحبها نبضة من نبضات الموجات الراديوية التي تسجلها المقربات ‏(‏التليسكوبات‏)‏ الراديوية بوضوح تام، وتندفع كميات هائلة أثناء الانفجار من الأجسام الشبحية (النيوترينو neutrino)‏ التي يمكنها اختراق الأرض من جانب لآخر.

وقصة اكتشاف النجوم النابضة ترجع إلى عام 1968 حينما التقطت طالبة أمريكية إشارات لاسلكية من خارج الأرض بواسطة جهاز جديد يسمى التلسكوب اللاسلكي Radio telescope؛ تأتي في شكل نبضات لاسلكية منتظمة، وفي عام 1987 رصد الفلكيون انفجار نجم نابض بجوار مجرة المرأة المسلسلة Andromeda الأقرب لمجرتنا في سحب ماجيلان الكبيرة Large Magellan Clouds‏؛‏ وتنطبق أوصاف القرآن تماما مع النجوم النابضة ‏Pulating Stars؛ فهي نجوم ذات كثافة، وجاذبية فائقة، وحجم صغير، وتدور حول محورها بسرعات فائقة مطلقة كميات هائلة من الإشعاعات، ولذا تعرف باسم النوابض الراديوية ‏Radio Pulsars، لأنها ترسل نبضات منتظمة من الأشعة الراديوية في كل جزء من الثانية، أو في كل عدد قليل من الثواني حسب حجمها‏‏ وسرعة دورانها حول محورها‏،‏ وقد يصل عدد نبضات تلك النجوم إلي ثلاثين نبضة في الثانية الواحدة‏،‏ ويعتقد أن النابض الراديوي يطلق نبضة واحدة في كل دورة كاملة حول محوره‏.‏