المياه الجوفية


الميـــاه الجوفـــية

قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ﴾ الزمر: 21

وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ﴾ البقرة: 74

 

الدلالة النصية:

تدل هذه النصوص الكريمة دلالة واضحة على وجود خزانات جوفية للماء، وتدعونا للبحث عنها والاستفادة منها، ونتيجة لوقوع هذا الماء تحت ضغط قوي يمكنه أن ينفجر بشكل ينابيع.

 

الدلالة العلمية:

حينما يسقط المطر على الأرض يتحرك جزء كبير نسبياً منه لأسفل ليسكن تحت الثرى في خزانات جوفية، ولذا يحفر الإنسان الآبار في الصحراء القاحلة ذات الأمطار النادرة جداً، ونعلم اليوم أن من الحجارة ما يحتوي على فراغات تسمى المسام (Pores) ومنها لا يحتوي على فراغات أو مسام وتسمى غير مسامية أو صماء (non-Porou)، والمسامية هي خاصية وجود فراغات في الصخر، وهي العنصر الأول في تخزين الماء تحت الثرى، والنفاذية هي العنصر الثاني وتعبر عن وجود قنوات أو ممرات كالشقوق تمر خلالها المياه في خزائن المياه الجوفية، ولو لم توجد بالحجارة مسام أو شقوق أو فتحات ما خزنت المياه، فالماء الذي يصب على الأرض لا يمكن تخزينه إلا في وجود شقوق، ونتيجة للضغط الأزموزي يكون الماء الجوفي تحت ضغط كبير بحيث إذا ظهر في منخفض من الأرض يتفجر.

والماء في البحار له مستوى يسمى مستوى سطح البحر ويتخذ مرجعاً لقياس الارتفاع فوقه والانخفاض تحته، والماء الذي يجري في الأنهار والبحيرات له مستوى يختلف من مكان إلى آخر، والماء المخزن في باطن الأرض له أيضاً مستوى يسمى مستوى الماء الجوفي، ويختلف ذلك المستوى أيضاً من مكان إلى مكان آخر، فإذا ما غار الماء في النهر أو البحيرة أو خزان المياه الجوفية فإنه من الصعب على الإنسان وفي حالات كثيرة يستحيل الحصول عليه، وغور الماء ظاهرة معروفة في البحار أو الأنهار أو الماء الجوفي وقد تكرر ارتفاع وانخفاض مستوى البحر عبر تاريخ كوكب الأرض، وتوالي طغيان البحر وانحساره عن اليابسة خلال العصور الجيولوجية المختلفة، وحينما ينخفض مستوى سطح البحر يغور معه أيضاً مستوى الماء الجوفي نتيجة تسرب الماء، ومن رحمة الله تعالى بعباده أن يخزن المياه في جوف الأرض بكميات تبلغ أكثر من ثلاثين ضعف مياه الأنهار وبحيرات العالم مجتمعة، ومن بديع صنع الله أن مستوى المياه الجوفية يتبع تضاريس سطح الأرض يعلو مع المرتفعات وينخفض مع المناطق المنخفضة فيستفيد منه ساكنو الجبال كما يستفيد منه ساكنو السهول والصحاري.

 

وجه الإعجاز:

هذا الذي دلتا عليه الآيات الكريمة التي أوردناها سابقاً لم يكن للإنسان معرفة حقيقته إلا عن طريق الاستشعار عن بعد واستخدام الأقمار الصناعية، حيث عرف الإنسان أن تلك الخزانات الجوفية المكتشفة تمثل رصيداً مائياً للمستقبل، بل وأن منه ما يوجد في مسامات الحجارة التي تعمل كمرشح ومطهر ضخم والتي قد تمتد روافدها بعيداً كما هو الحال في ماء زمزم، وهنا يتجلى إعجاز علمي آخر في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ﴾، والمعنى ليس كل الحجارة ولكن بعضها.