الليل سكن


الليل سكن

قال الله تعالى : ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾غافر: 61.

الدلالة النصية:

يشير هذا النص إلى ضرورة تنظيم الإنسان لأحواله، فلا يتعامل معهم بشكل غير رتيب حيث إن الله سبحانه وتعالى قد جعل لنا نظاماً يحقق المصالح ويدرء المفاسد، لذلك علينا أن نلتزم بمقتضى ذلك، ومن فرعيات هذا الالتزام أن نخصص الليل للراحة والسكون والنوم، لأن في خلاف ذلك يدب الخلل إلى عموم أجهزة الجسم، كما أثبت العلم ذلك.

الحقيقة العلمية:

أكد باحثون من جامعة أريزونا الأمريكية في بحث علمي  نشر في مجلة العلومScience  عام 2002، أن النوم في الظلام مفيد للصحة ، ويحسن نشاط جهاز المناعة بصورة كبيرة . وذكر الباحثون أن الجسم يفرز في الظلام هرمون الميلاتونين الذي قد يلعب دوراً هاماً في الوقاية من الأمراض الخبيثة كسرطان الثدي والبروستاتا.

وتشير الدراسات إلى أن إنتاج هرمون الميلاتونين – الذي يعيق نمو الخلايا السرطانية – قد يتعطل مع وجود الضوء في غرفة النوم . ويرى الباحثون أن هذه العملية الطبيعية التي أوجدها الله تعالى تساعد في الاستفادة من الليل المظلم للوقاية من أنواع معينة من السرطان. وكما ينشط الليل المظلم إفراز هرمونات معينة في الجسم ، فإن ضوء النهار ينشط هرمونات أخرى تقوي جهاز المناعة ، وتقي الجسم من عدد من الأمراض .

أليس في هذا إشارة لنا أن نخفت الأنوار في الليل، وننام في هدوء وظلام ، لا أن نقضي الليل في سهر طويل على أضواء متلألئة وأصوات صاخبة ، ثم إذا لاح الصباح قمنا إلى صلاة الفجر، ومن ثم نهضنا  إلى أعمالنا متكاسلين مشتتي الذهن ؟ أليس في هذا موعظة لمن يقلب ليله نهاراً ونهاره ليلاً ، فيحرم من نعم الباري تعالى وآلائه ، ويسير مخالفا لنواميس الكون التي وضعها الله تعالى رب العالمين ؟!

وجه الإعجاز:

إن الإشارة الواردة في النص الكريم قد جاءت الكشوفات العلمية في عصرنا هذا تدل على صحة هذا الإرشاد العظيم، وذلك بعد تجارب عديدة، ومشاهدات متكاثرة، استنبط منها الأطباء أن مخالفة تلك السنة الكونية في كون الليل موئل راحة ونوم وسكون فيه تسبب للأزمات والأمراض المتنوعة، ومن ذلك زيادة نوبات الصداع والشعور بالإرهاق والتوتر والقلق وارتفاع ضغط الدم وتثبيط جهاز المناعة، بل ويؤثر على الجلد تأثيراً ضاراً مما يثبت لنا أن هذا هو كلام الخالق جل وعلا، وأن مبلغنا إياه هو رسول رب العالمين.