الفساد البيئي برا وبحرا وجوا


من أبحاث المؤتمر العالمي العاشر للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بتركيا 1432هـ – 2011م

د. أحمد عبدالعزيز مليجي

استاذ الجيولوجيا والبيئة المشارك بالمركز القومي للبحوث-القاهرة

النص المعجز:

قال تعالى: {ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [سورة الروم: 41].

ملخص البحث:

إن من أشد الأسلحة الفتاكة التي تستخدم في قتل الإنسان وبصورة جماعية ، ولا ترحم قوياً أو ضعيفاً ، أو غنياً أو فقيراً ، ألا وهو سلاح الفساد البيئي ، وكأن ذلك ما أشارت إليه الآية الكريمة في قوله تعالى:{ظهرَ الفساُد في البرِ والبحرِ بما كسبت أيدي الناس ليذيقََهُم بعضَ الذي عملوا لعلهم يرجعون} [سورة الروم:41]. وتشير الآية الكريمة بجلاء ووضوح إلى الفساد الذي يدمر البر والبحر نتيجة لتدخل الإنسان في قوانين المنظومة البيئية المتزنة. كما توضح الآية الكريمة الضرر البالغ الذي يحل بالإنسان من جراء عمله هذا ، قال تعالى:{ليذيقهُم بعض الذي عَمِلوا}.  فإذا فسد الناس تركهم الله – سبحانـه وتعالى- وشأنهم حتى يذوقوا بعض نتائج أعمالهم ، لعلهم يرجعون وينتبهون إلى الله – عز وجل. أما من الناحية العلمية فقد أكدت الدراسات العلمية الحديثة أن التلوث البيئي يؤدى إلى اختلال المنظومة البيئية ، وبالتالي يسبب الأمراض القاتلة التي تودي بحياة البشر وباقي الكائنات الحية التي تعيش في البر والبحر. ومشكلة الفساد البيئي وإن بدت في أول الأمر مشكلة إقليمية تعاني منها بعض الدول ، إلاَّ أنها تحولت إلـى مشكلة عالميـة وعائق من عوائق تقدم الحضارة البشرية. والتلوث ليس له وطن واحد لأنه ينتقل بواسطة الرياح والأمواج والطيور عبر القارات حاملاُ معه الملوثات الخطرة لتصيب البلدان التي تمر بهـا. ولقد تصاعدت ملوثات الغازات المنبعثة مثل غازات الصوبة الخضراء “greenhouse gases” مسببه حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري  Global Warming”” ، كما تصاعدت معدلات الغازات الملوثة المنبعثة من البر والبحر لتتفاعل مع طبقة الأوزون محدثة الثقوب السماوية في هذه الطبقة “Ozone Hole” ومسببة اضطراباً بالغة في الحياة على اليابسة نتيجة تسرب الأشعة فوق البنفسجية من خلال طبقة الأوزون.

ولقد أشارت الآية الكريمة إلى ظهور الفساد في البر والبحر والتي جاءت بصيغة الماضي كما في كلمة {ظَهَرَ} ، وذلك لأن  المستقبل عند الله هو  حقيقة واقعة لا بد منها وكأنها وقعت حتماُ بالنسبة لله تعالى ولامفر من حدوثها. وقد حدث التلوث وأصبح في يومنا هذا أخطر مشكلات العصر وأكثرها تعقيدا وأصعبها حلا . ولقد اقتصرت الآية الكريمة على ذكر الفساد الناتج عن الإنسان في البر والبحر ولم تذكر في الجو ، وهذا من أسرار البيان  في التعبير  القرآني حيث إنه يأتي بأمور تتناسب مع فهم المعاصرين آنذاك عند نزول الآية دون أن يتعارض مع المستقبل الذي حدث فيه الفساد جوا بسبب الإنسان. كما أن فساد الجو مرتبط ارتباطا وثيقا بفساد الإنسان براُ وبحراُ ، وكل ما أصاب الجو من ملوثات وتغيرات مناخية تؤثر تأثيرا مباشرا بالضرر أو السقوط بفعل الجاذبية الأرضية مرة أخرى على البر والبحر.

إن الهدف من هذا البحث المتواضع الذي ارتكز أساسا على الآية المعجزة ، آية حدوث ظاهرة الفساد في البر والبحر ، هو دق ناقوس الإنذار على أن تحقيق التنمية التي هي ضالة كل مجتمع ، لا ينبغي أبدا أن تتم على حساب التوازن الإيكولوجي. كما أظهر البحث الحلول التي أشار لها القرآن الكريم ، والسنة النبوية المطهرة ، منذ ما يزيد عن أربعة عشر قرنا من الزمان ، فالإسلام حقيقة يتمتع بنظرة أعمق وأوسع للبيئة، حيث طالب الإنسان بأن يتعامل معها من منطلق أنها ملكية عامة يجب المحافظة عليها حتى يستمر الوجود ، قال تعالى: {ولا تفسدوا في الأرضِ بعدَ إِصلاحِها ذلِكُم خير لكُم إن كُنتُم مُّؤمنين} [سورة الأعراف:85].  

 

البحث كاملاً