السقف المحفوظ
قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾ 21 الأنبياء: 32
الدلالة النصية:
هذا النص يدل على أن الأسماء سواء بمعناها اللغوي الأصلي الذي ينصرف إلى معنى “العلو” أو المصطلح الشرعي للسماء فإنها في الاحتمالين تشكل وقاية للبشر، كما أنها محفوظة من عدوان الجن من أن يسترقوا السمع، وفي الوقت نفسه، فإن النص يدل على أن هذه السماء فيها مظاهر اعتبار وأدلة على قدرة الله وعظمته: ولكن البشر غافلون عن ذلك.
الدلالة العلمية:
الغلاف الجوي للأرض والذي يمكن تمييزه إلى طبقات بحسب صفات كل طبقة من النواحي الفيزيائية وغير ذلك، يشكل بمجموع ما يشتمل عليه درعا واقيا للأرض؛ حيث إن الكشوف العلمية أثبتت لنا أن الغلاف الجوي يتكون من نطق على النحو التالي:
وتتفق دلالة التعبير التصويري “السقف المحفوظ” مع الغلاف الجوي فهو بالفعل يماثل سقفا فوقنا يمنع أخطارا غير منظورة أن تصل لنا إلا أن يشاء الله تعالى، وهو أيضا اليوم محفوظ من التبدد بخلاف ما عانى في بداية التكوين، وكما هو الحال في القمر حيث تبدد كله، فأصبح القمر بلا سقف يحميه، ويلفت الله سبحانه وتعالى في القرآن انتباهنا إلى بعض خصائص الجو في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾الأنبياء: 32، ويتضمن دفع المخاطر، وامتناع التبدد، وهذه الخصاص قد أثبتتها الأبحاث العلمية التي أجريت في القرن العشرين، فالغلاف الجوي الذي يحيط بالأرض يؤدي وظائف ضرورية لاستمرارية الحياة على الأرض، ويدمر الكثير من النيازك، ويمنع معظمها من السقوط على سطح الأرض، وإيذاء الكائنات الحية، والملفت للنظر أن الغلاف الجوي لا يمسح بالمرور إلا للإشعاعات غير الضارة مثل أشعة الضوء، ويكفي أنه يحمي أهل الأرض من برد الفضاء الذي يصل إلى إلى 270 درجة مئوية تحت الصفر، والأحزمة المغناطيسية بمثابة درع يقي من خطر الرياح الشمسية التي تهدد الأحياء على الكوكب، ولولا أن هيأ الله تعالى الغلاف الجوي لسقطت ملايين النيازك على الأرض، وقضت على الحياة في الأرض، ومن الجائز أن حادثة الديناصورات التي بادت منذ حوالي 65 مليون سنة قد ترجع إلى الدخان الذي لف الأرض عقب سقوط نيزكي كبير حجب ضوء الشمس، وقضى على معظم الأحياء على البسيطة وفي البحار، وباختصار فإن هناك نظاما متكاملا يعمل فوق الأرض، ولا نشاهده يحمينا من التهديدات الخارجية في صمت، والعلماء لم يعلموا بوجوده إلا مؤخرا.
وجه الإعجاز:
إن اكتشاف العلماء في العصور المتأخرة لوجود تلك الحشود الهائلة من الرجوم الفضائية والأشعة الكونية المتنوعة مما لو قدر لها أن تصل إلى الأرض لأحدثت دمارا وهلاكا محققا يدلنا بشكل باهر أن ما ورد في الآية الكريمة من وقاية السماء لهذه الأرض وما عليها من الهلاك فيه الدليل الباهر على أن هذا القرآن الكريم هو كلام خالق هذا الكون، لأنه نزل في زمن كان البشر على جهل تام بهذه القضايا خاصة، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام الذي يبلغنا هذا القرآن هو أمي لا يقرأ ولا يكتب، وهو مضمون الإعجاز العلمي.