الرجع خصيصة جوية


الرجع خصيصة جوية

 

قال تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ الطارق 11.

 

الدلالة النصية:

التعبير الوصفي بقوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ﴾  يشير إلى صفة للسماء التي تحيط بكوكب الأرض ومفادها الإعادة والإرجاع، وبحسب معارف القدماء من المفسرين أنها تعني المطر، علماً بأنه اللفظ عام يدل على معان أخرى نلاحظ في الحقيقة العلمية بعضاً منها.

  

الحقيقة العلمية:

كلمة الرجع Return تأتي بمعنى الإعادة إلى ما كان منه البدء، فمعناها إرجاع الشيء في اتجاه مصدره مثل صدى الصوت Sound Echo، والسماء هنا مانعة من العبور إلى ما خلفها فيقتصر مدلولها على جو الأرض، والتعبير يفيد وجود غلاف يحيط بها يرد إليها كل نافع ويرد عنها كل ضار، فأجمل ما كشفه العلم الحديث من خصائص الجو. من الحقائق العلمية الثابتة اليوم:

1-   يقوم الغلاف الجوي بإرجاع الماء المتبخر بهيئة أمطار.

2-   يرجع الغلاف الجوي للأرض كثير من النيازك، ويردها للفضاء الخارجي.

3- يرد الغلاف المغناطيسي الرياح الشمسية ويدفعها بعيداً عن الأرض، وهي إشعاعات قاتلة للأحياء.

4- يعكس الغلاف الجوي موجات الراديو القصيرة والمتوسطة إلى الأرض، ولذا يمكن اعتبار الجو أشبه بمرآة عاكسة للأشعة و الموجات الكهرومغناطيسية، فهو يعكس أو يرجع ما يبث إليها من الأمواج اللاسلكية والتلفزيونية التي ترتد إذا أرسلت إليها بعد انعكاسها على الطبقات العليا الأيونية (الأيونوسفير)، وهذا هو أساس عمل أجهزة البث الإذاعي والتلفزيوني عبر أرجاء الكرة الأرضية.

5- الغلاف الجوي أشبه بمرآة عاكسة للحرارة، فيعمل كدرع واقية من حرارة الشمس أثناء النهار‏‏ كما يعمل كغطاء بالليل يمسك بحرارة الأرض من التشتت، ولو اختل هذا التوازن لاستحالت الحياة على الأرض، إما من شدة الحرارة نهارا أو شدة البرودة ليلا.

الغلاف الجوي إذاً يرد إلى الأرض كل نافع للإنسان، ويرد عنها كل ضار.

 

وجه الإعجاز:

لقد رأينا في استعراض الدلالة العلمية ما استقر من حقائق في هذا المجال ومن ذلك: أن الطبقات العلوية المحيطة بالأرض مما يشمله أصل إطلاق لفظ السماء، وأن تلك الطبقات تقوم بالحفاظ على الحرارة ونسب الغازات المناسبة للحياة، كما أنها ترجع الماء المتبخر، وتدفع عن أهل الأرض الرجوم الفضائية من نيازك وغيرها، وكذلك الأشعة الكونية مما ينتظمه لفظ الرجع، فهو يتفق إذاً مع دلالة لفظ الآية، وهذا التطابق بين عمومات دلالة النص مع ما استقر علمياً من خصائص تلك الطبقات العليا يعتبر إعجازاً علمياً.