الدخان السماوي ظاهرة نيزكية


الدخان السماوي ظاهرة نيزكية

 

قال تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾الدخان: 10, ﴿يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾الدخان: 11, ﴿رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾الدخان: 12, ﴿أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ﴾الدخان: 13, ﴿ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ﴾الدخان: 14, ﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾الدخان: 15

 

الدلالة النصية:

لك أن تدهش حين تطالع في رواية ذكرها الطبري في تفسيره عن ابن عباس (رضي الله تعالى عنهما) لكارثة الدخان المرتقبة بصدام النجم المذنبي: “عن عبد الله بن أبي مليكة قال غدوت على ابن عباس ذات يوم، فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت، قلت: لم؟، قال قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق…”، لم يكن الصحابي ابن عباس فلكياً، وإنما استمد تلك المعرفة من قوله تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾,﴿يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾,﴿رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ﴾,﴿أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ﴾,﴿ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ﴾,﴿إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾الدخان 10-15؛ وفيه إنذار بكارثة تتكرر لا يعرفها قبل عصرنا إلا نبي، أبرز سماتها دخان يحيط بالأحياء سببه صدام جسم سماوي بالأرض، وصاحبت ذلك الوصف العجيب الذي حار فيه الأولون جملة أوصاف تفرد بها القرآن تكشف وجود أسراب كالطير الأبابيل من حجارة قريبا من الأرض، ويمكن أن تحصب أي مكان على سطحها وتدمره، وتروي بدقة مذهلة واقعة السقوط النيزكي.

التوافق مع الحقائق العلمية:

يُعتقد حاليا أن مذنبا أو نيزكا قد صدم منطقة يوكاتان Yucatan شرق المكسيك منذ حوالي 65 مليون سنة (K/T Impact) فتكونت حفرة صورتها الأقمار الصناعية يزيد قطر فوهتها عن 200 كم، وقد قدر قطره بما لا يقل عن 10 كم وقدرت قوة الصدمة بحوالي 100 مليون ميجا طن، ويُعتقد أن جسما آخر قد عاصره قطره حوالي 40 كم صدم بحر العرب غرب شاطئ الهند، وقد صدم جسم مماثل عام 1908 منطقة تانجوسكا بسيبيريا بقوة قدرت بحوالي 15 ميجا طن (Tunguska Impact) وقدر قطره بحوالي 60 متر فقط قبل أن يتلاشى في الجو نتيجة الاحتكاك بدون أن يبلغ سطح الأرض، ويكون حفرة نيزكية، ورغم ضآلته نسبيا احترقت جميع الأشجار وسقطت قممها في اتجاه الخارج في دائرة تحيط بمركز الصدام بلغ قطرها 50 كم، وشوهدت سحابة نارية على بعد 500 كم مع دوي يصم الآذان  Deafening Bang سمعه سكان لندن على بعد 5000 كم، لقد أعادت تلك الآثار الضخمة القريبة العهد حادثة يوكاتان إلى الأذهان.

وقد عملت أجهزة الكومبيوتر بجد لتحسب مدى تدمير قوة صدمة أكبر خاصة مع الهلاك الفجائي للديناصورات ومعظم الأحياء منذ حوالي 65 مليون سنة كذلك، وهكذا نشأت فرضية الهلاك الفجائي لمعظم الأحياء النباتية والحيوانية على اليابسة وفي البحار نتيجة الصدام الناري خاصة بالانبعاث الدخاني الذي بلغ المناطق العليا من الجو وحجب ضوء الشمس مؤقتاً، فأصاب التمثيل الضوئي Photosynthesis للنبات فهلكت الحيوانات الكبيرة الحجم كالديناصورات لأنها أقل قدرة على احتمال قلة الأكسجين والطعام، وهناك عوامل أخرى أو فرضيات مثل تغير الطقس Climate Change أو دخان البراكين، ولكن مع اكتشاف طبقة رسوبية في مناطق مختلفة من سطح الأرض عمرها حوالي 65 مليون سنة كذلك وتحتوي على مادة خاصة تسمى بالإيريديوم Iridium وهي مادة مميزة للرجوم النيزكية، قد ترجح هلاك الكثير من الكائنات الحية على سطح الأرض سابقا خاصة الديناصورات بكارثة الدخان الكوكبية تلك، وإمكان هلاكها لاحقا كذلك.