الخشوع والتصدع في الجبال


الخشوع والتصدع في الجبال

قال تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾الحشر: 21

 

الحقيقة العلمية:

ثبت علمياً بنتيجة التجارب المخبرية لدراسة مقاومة أنواع الصخور واستجاباتها المختلفة لمختلف قوى الضغط التي تمارس عليها، أن الصخور بأنواعها المختلفة تستجيب عند تعرضها لقوى الضغط بالطي والالتواء والانشطار.

فالصخور الخاضعة لقوة ضغط متزايدة تتعرض لتشوه متزايد، فتتقلص في حالة الانضغاط، وتتمدد في حالتي الجر أو البسط قبل أن تتعرض للكسر. وبدراسة آثار الرفع التدريجي للضغط والحرارة على الصخور المنضغطة تظهر آليات التشوه المختلفة التي تعمل بنفس الآلية داخل القشرة الأرضية حيث أنها في حالة الانضغاط تتعرض للصدع تحت ظروف الضغط والحرارة السائدة قريباً من سطح الأرض، وتتحول الصخور إلى الحالة اللدنة في حالة رفع الضغط والحرارة، وتتعرض للطي والالتواء قبل أن تصل هذه الصخور إلى نقطة الانصهار فتصير كالسوائل المائعة، وتحدث هذه التفاعلات المختلفة بشكل مباشر.

ويظهر التشوه على شكل فوالق في حالة تعرض الصخور للتصدع، ويكون المجال خالياً من الطيات مليئاً بالصدوع بسبب زيادة القص كآلية رئيسة للتشوه، وتتعرض الصخور للالتواء والطي عندما يتم التشوه دون كسر أو صدع بفعل آليتي الثني والبطح، وفي مرحلة أخيرة في الأعماق التي تتعرض فيها الصخور لدرجات حرارة وضغط أعلى من تلك التي تميز نقطة الانصهار تكون آلية التشوه السائدة هي التّسيل، ومن ثم فإن الصخور تسيل على طريقة السوائل وتشكل طيات تختلف عن تلك المتواجدة في مستويات أعلى بحيث يحدث الالتواء دون تقلص في المسافة الأصلية للطبقات الصخرية.

وهكذا ثبت علمياً بأن الصخور تستجيب لقوى الانضغاط بالتقلص أولاً ثم تتعرض للكسر في نهاية المطاف.

 

وجه الإعجاز:

توضح الحقائق العلمية السابقة بجلاء أن صخور الجبال تتميز بخاصيتين اثنتين هما خاصية الطي أو الالتواء وخاصية التصدع، وقد وردت الإشارة إلى هذه الحقيقة العلمية منذ أكثر من أربعة عشر قرناً في قوله تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾.

حيث يُفهم من الآية أن خشية الجبال لله تتجلى من خلال التواء الصخور وطيها (وهو الخشوع) ومن خلال تكسرها وتقلقلها (وهو التصدع).

وكما أن تقديم الخشوع عن التصدع إشارة إلى حقيقة علمية أخرى، وهي أن الصخور تستجيب لقوى الانضغاط بالتقلص (وهو الخشوع) أولاً ثم تتعرض للكسر (وهو التصدع) في نهاية المطاف، وصدق الله العظيم القائل: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾النمل: 93