من أبحاث المؤتمر العالمي الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بدولة الكويت 1427هـ – 2006م
د. محمد طاهر موسى
قسم علوم الحياة – كلية العلوم – جامعة الامارات العربية المتحدة
ملخص البحث
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ 39: 21
أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُون 56 :65
اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ 57 :20
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا :45:18
الحقيقة العلمية
يلاحظ أن أهم عناصر تترسب في النبات ولها خصائص التحطم هي السيلكا، السيلكا تتواجد في النبات في صور الأوبال (opal) وهى تشبه إلى حد كبير الزجاج وتترسب في أماكن محددة بأوراق النبات خصوصا نباتات ذوات الفلقة الواحدة مثل الشعير والقمح والذرة وتكون أعلى في حالة توفر الماء حيث تصل النسبة إلى أكثر من 10 % بينما في حالة النباتات الأخرى الصحراوية لا تتجاوز النسبة 3% وهذه تكون هشيما
جوانب الإعجاز العلمي
1- الحطام
عند النظر في آيات سور الزمر والواقعة والحديد وتحديدا قوله تعالى (حُطَامًا) التي وردت في الآيات الثلاث نجد في سورة الزمر: أنزل الله سبحانه وتعالى المطر من السماء تشربت الأرض الماء (وهنا يكون معامل التشرب للتربة عالي يسمح بمرور ماء المطر إلى باطن الأرض) بحيث أن هذا الماء يخرج في موقع آخر منخفض من الأرض في صورة ينابيع، هذا الماء الذي خرج من موضع آخر في صورة ينبوع أخرج الله سبحانه وتعالى به زرعا مختلف الألوان ونلاحظ قوله (ثُمَّ) للترتيب ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا وهنا أيضا بدأت الآية بثم للروية والترتيب حيث هاج الزرع وبدأ اصفراره ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا
وهى مرحلة نهائية في حياة النبات (حُطَامًا) ومن الملاحظ أن هذه هي المراحل الطبيعية لنمو الزروع بدءا من الإنبات والاخضرار والاصفرار والتحطم، وهذا ينطبق على المحاصيل الزراعية كما في الشعير والقمح (نباتات ذوات الفلقة الواحدة) والتي غالبا ما تزرع كمصدر للغذاء على الينابيع في المناطق الصحراوية وهذه النباتات تتميز بقدرتها على ترسيب السيلكا
في آيات سورة الواقعة: هنا نظام زراعي متكامل تتوفر له كل العناصر من إعداد الحرث والزراعة، و هنا الإشارة إلى الحطام أيضا وحدوث التحطيم قبل الحصاد.
وفى سورة الحديد: وهنا المراحل تشبه سورة الزمر في وفرة الماء حيث أن الغيث جاء بعد الجفاف وان كانت ثم تكررت مرتين فقط هنا وثلاث مرات هناك وهذا يرجع إلى اختلاف الغيث عن الماء الذي سكن بالأرض وصار ينابيع توفر الماء باستمرار
2- الهشيم
وعند المقارنة بسورة الكهف: هنا تشبيه الدنيا بماء نزل من السماء (وهذا الماء ليس بالغيث كما أنه لم يسلك طريقه في الأرض ليكون ينبوعا بعد ذلك) ودل ذلك على قلة هذا الماء والفاء أفادت السرعة في الإنبات ولم يهيج ولم يصفر بل أصبح هشيما لأنه لم يكتمل نموه الطبيعي لقلة الماء وكانت نسبة السيلكا هنا قليله لأن هذا خليط من النباتات وليست زروعا لا تتجاوز نسبة السيلكا 3% وهذه تكون هشيما.(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا) الكهف: 45