الحركة الذاتية للأجرام السماوية


الحركة الذاتية للأجرام السماوية

قال تعالى:﴿وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ﴾النحل: 12، وقال تعالى:﴿وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ﴾الأعراف: 54، وقال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾(الرعد-وفاطر-والزمر)، وقال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾لقمان: 29، وقال تعالى: ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾الأنبياء: 33،﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾يس: 40.

الدلالة النصية :

تدل هذه الآيات الكريمة على نظام فلكي أجراه الله في هذا الكون، ولذلك فالنجوم مسيرات بتقديره، وكما قال ابن كثير: “النجوم الثوابت والسيارات في أرجاء السماوات.. كل منها يسير في فلكه الذي جعله الله تعالى فيه ي سير بحركة مُقدرة لا يزيد عليها ولا ينقص منها.

الدلالة العلمية:

وفق ظاهر الدلالة التي لا تحتمل تأويلاً، فكل الأجرام السماوية تتحرك في أفلاكها حركة ذاتية مقدرة؛ كُلٍّ له فلك يخصه، ويقطعه في مدة محددة مقدرة؛ بخلاف الوهم السائد إلى القرن السابع عشر أن النجوم ثوابت لا تتحرك بذاتها، و إنما بحركة أفلاك شفافة قد ثبتت عليها وتدور حول الأرض المسطحة الثابتة. اعتمد التصور السائد قديماً مبد أ مركزية الأرض وحركة الشمس حولها وفق الظاهر، وأن النجوم ثوابت على فلك شفاف كالزجاج لا يُرى تدور بدورانه، و أن الكواكب بالمثل لا حركة ذاتية لها، و إنما تدور بدوران أفلاكها، ولكن القرآن قد عار ض ذلك الوهم السائد، وقدم مفاهيم جديدة بإعلانه أن الكون طرائق وكل الأجرام تتحرك بذاتها، وتجري في مداراتها؛ كُلٍّ له فلك Orbit يخصه، ويقطعه بسرعة محددة في فترة مقدرة. وتجري الشمس بالمثل بحركة ذاتية في فلك أو مدار مقدر الأجل؛ وكذلك القمر، في قوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾(الرعد-وفاطر-والزمر)، وقال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾لقمان: 29، ولفظ)كُلّ( يفيد الجمع ويعمم النبأ بأن الشمس والقمر حركتيهما مقدرة ليشمل كل الأجرام في الكون؛ و إن لم يُذكر سواهما، وقوله تعالى: ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾يس: 40. يعني تعدد الأفلاك وتعدد آجال قطعها مع وحدتها جميعا في فلك كوني واحد يضمها، وهذا أبلغ لبيان كمال عظمة الله تعالى وقدرته ووحدانيته.

وجــه الإعـجـاز:

إن الآيات الكريمة التي تحدثت عن الكون صرحت بوجود أنظمة دقيقة وثابتة لمجوداته ، وهنا نجد تكرار ذكر هذه الحقيقة في الآيات الكريمة، ومن تقدم مسيرة العلم واكتشاف أجهزة الرصد الفضائية وجد العلماء أنفسهم أمام تلك الحقيقة الصارخة التي تشمل كل هذه العوالم الفلكية، فالنظام ثابت والحركة دقيقة والعلاقة بين تلك الأجرام منسقة والنظام الذي يشملها على أدق وجه، وهذا التطابق بين دلالة النصوص وما انتهى إليه العلم في هذا الميدان يؤكد أن المتحكم هو خالق الكون، وأن المبلغ هو رسول كريم لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.