الحبة السوداء شفاء من كل داء


الحبة السوداء شفاء من كل داء

في مسند أحمد (7287) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :» عليكم بهذه الحبة السوداء، فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام« وهو في صحيح مسلم (2215) بزيادة: (والسام : الموت، والحبة السوداء الشونيز). كما روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:» إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام”. قلت وما السام؟ قال: “الموت«.

وفي رواية لمسلم (2215/89) :»ما من داء إلا في الحبة السوداء منه شفاء«.

الدلالة النصية:

لقد تلقى المسلمون أحاديث الحبة السوداء بالقبول، واختلف العلماء في شرحها؛ فمن قائل بأن عموم الشفاء لكل الأمراض الذي يفهم من الأحاديث ليس مراداً، وإنما المراد أن فيها شفاء لبعض الأمراض؛ فهو من العام الذي يراد منه الخصوص، ومن قائل أن الأصل حمل العام على عمومه ما لم تكن هناك قرينة قوية صارفة.

الحقيقة العلمية:

لقد استعملت الحبة السوداء في كثير من دول المشرقين-الأوسط والأقصى- علاجاً طبيعيا منذ أكثر من ألفي عام، وتم استخلاص مركب النيجيللون من زيت الحبة السوداء عام 1959م على يد الدخاخني وزملاؤه، وتحتوي بذور الحبة السوداء على 40% من وزنها زيتا ثابتا، و1,4% زيوتا طيارة، وتحتوي على خمسة عشر حمضا أمينيا، وبروتين وكالسيوم وحديد وصوديوم وبوتاسيوم، وأهم مركباتها الفعالة هي: الثيموكينون، والدايثيموكينون، والثيموهيدروكينون، والثيمول.

  1. وقد نشرت عشرات الدراسات العلمية في المجلات العالمية الموثقة خلال الأعوام الخمسة الماضية عن فوائد الحبة السوداء، ورغم أن معظمها أجري على الحيوانات إلا أن هذا الكم من الدراسات المنشورة من الشرق والغرب والتنوع العجيب أمر مثير للاهتمام. فهناك دراسات تشير إلى فائدة الحبة السوداء في علاج الربو القصبي والتهاب القصبات.
  2. ودراسات أخرى أظهرت أن خلاصة الحبة السوداء استطاعت تثبيط نمو خلايا بعض أنواع السرطان كسرطان الثدي وسرطان البروستات ، وفي الوقاية من سرطان الكبد وسرطان القولون وفي الوقاية من الاعتلال الكلوي. كما ثبت ان للحبة السوداء تأثيرا على مرضى السكري حيث أدت إلى خفض معدل سكر الدم , كما كان لها أثر على الأمراض التحسسية: مثل التهاب الأنف التحسسي , الربو القصبي , الأكزيما التحسسية؛ كما ثبت أن للحبة السوداء أثر وقائي على القلب والشرايين، ووجد في مركباتها مضادات للأكسدة، وأظهرت البحوث أن لزيت الحبة السوداء تأثيرا خافضا للكولستيرول والكولسترول الضار والدهون الثلاثية.

 وساعدت الحبة السوداء في علاج ارتفاع ضغط الدم، كما أظهرت الدراسات استجابة بعض أنواع الجراثيم لخلاصة الحبة السوداء.

  1. لكن الأهم من كل ذلك كان أثر الحبة السوداء على جهاز المناعة وقضائها على الميكروبات، لكن لم يتضح دور الحبة السوداء على جهاز المناعة حتى عام 1986م إلا بالأبحاث التي أجراها الدكتور أحمد القاضي وزملاؤه في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم توالت بعد ذلك الأبحاث في شتى الأقطار وفي مجالات عديدة حول هذا النبات،

وقد أثبتت الأبحاث أن للحبة السوداء أثراً مقوياً لوظائف المناعة النوعية: حيث ازدادت نسبة الخلايا اللمفاوية التائية المساعدة إلى الخلايا التائية الكابحة إلى 72 % في المتوسط. وحدث تحسن في نشاط خلايا القاتل الطبيعي بنسبة 74 % في المتوسط.

وقد ثبت أن جهاز المناعة هو النظام الوحيد والفريد الذي يمتلك السلاح المتخصص للقضاء على كل داء، بما يحويه من نظام المناعة النوعية التي تمتلك إنشاء الأجسام المضادة المتخصصة لكل كائن مسبب للمرض، و تكوين سلاح الخلايا القاتلة المتخصصة. إذ تقوم الخلايا البلعمية بعد التهام الجراثيم الغازية وهضمها بعرض قطع البكتريا المتحللة على سطحها، ثم تلتصق بالخلايا اللمفاوية التائية المساعدة لتعريفها علي التركيب الدقيق للميكروب، وتعتبر هذه الخلايا هي القائد العام لجهاز المناعة، حيث تقوم بتنشيط نوع آخر من الخلايا الليمفاوية تسمى الخلايا البائية B. لإنتاج الأجسام المضادة ، أو تكوين خلايا أخرى تسمى الخلايا التائية المتخصصة والخاصة بمركبات هذا الميكروب الذي حفز إنتاجها. وتتحد الأجسام المضادة والخلايا التائية المتخصصة إتحاداً تاماً مع سطح الميكروب، فتبطل عمله أو تدمره, وبالتالي فهذه المناعة هي مناعة متخصصة لكل كائن غريب يوجد داخل الجسم، فلكل داء دواؤه الدقيق.

وبناءً على ذلك يمكننا القول بأن جهاز المناعة هو الجهاز الوحيد الذي يملك تقديم شفاء من كل داء – على وجه الحقيقة – بما يحويه من نظام المناعة النوعية أو المكتسبة التي تملك إنشاء الأجسام المضادة المتخصصة لكل كائن مسبب للمرض، وتكوين سلاح الخلايا القاتلة والمحللة.

وبما أنه قد ثبت من خلال الأبحاث التطبيقية أن الحبة السوداء تنشط المناعة النوعية ؛ فقد رفعت نسبة الخلايا المساعدة والخلايا الكابحة، وخلايا القاتل الطبيعي-وكلها خلايا ليمفاوية في غاية التخصص والدقة- لما يقرب من 75% في بحث للدكتور أحمد القاضي، وأكدت الأبحاث المنشورة في الدوريات العلمية هذه الحقيقة؛ حيث تحسنت الخلايا الليمفاوية المساعدة وخلايا البلعمة، وازداد مركب الإنترفيرون،والإنترلوكين 1و2 وتحسنت المناعة الخلوية، وانعكس ذلك التحسن في جهاز المناعة على التأثير المدمر لمستخلص الحبة السوداء على الخلايا السرطانية وبعض الفيروسات، وتحسن آثار الإصابة بديدان البلهارسيا. وعليه يمكن أن نقرر أن في الحبة السوداء شفاء من كل داء؛ لأنها تصلح وتقوي جهاز المناعة، وهو الجهاز الذي فيه شفاء من كل داء، ويتعامل مع كل مسببات الأمراض، ويملك تقديم الشفاء الكامل أو بعضه لكل الأمراض.

وجه الإعجاز:

 أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: »أن في الحبة السوداء شفاء من كل داء«، ووردت كلمة شفاء في صيغ الأحاديث كلها غير معرفة بالألف واللام، وجاءت في سياق الإثبات فهي لذلك نكرة تعم في الغالب، وبالتالي يمكن أن نقول أن في الحبة السوداء نسبة من الشفاء في كل داء. وبمقارنة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ما أثبته العلم الحديث في هذا الشأن تتجلى الحقيقة العلمية في هذه الأحاديث الشريفة، والتي ما كان لأحد من البشر أن يدركها فضلاً عن أن يقولها ويحدث الناس بها منذ أربعة عشر قرناً إلا نبي مرسل من الله. وصدق الله القائل : ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾النجم: 3, ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾النجم: 4.