البحر المـسجور


البـحـر المــسجـور

يقول تعالى: ﴿وَالطُّورِالطور: 1, ﴿وَكِتَابٍ مَسْطُورٍالطور: 2, ﴿فِي رَقٍّ مَنْشُورٍالطور: 3, ﴿وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ﴾الطور: 4, ﴿وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِالطور: 5, ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِالطور: 6, ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌالطور: 7

 

الدلالة النصية:

يخبرنا الله سبحانه وتعالى أن البحار العظيمة التي ورد ذكرها في قوله تعالى: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ ملتهبة في أعماقها والبحر هنا اسم جنس يشمل البحار العظيمة في سياق نظرة شمولية للعالم أجمع لأن السجر في اللغة الإيقاد في التنور، وكون قيعان هذه البحار ملتهبة فيها نذير يتمثل بأن هذا الإيقاد ربما يمتد فتنفجر البحار كلها ويكون ذلك دماراً للعالم مستقبلاً.

 

الحقيقة العلمية:

اكتشف علماء الجيولوجيا أن قيعان جميع المحيطات متوقدة ناراً في مناطق الوديان العميقة في منتصف المحيطات Mid-Ocean Rifts، ويوجد الشق الأعظم منتصف المحيط الأطلسي، وتبين أنها مناطق اللقاء بين الألواح القارية، وتحيط بها من الجانبين ارتفاعات جبلية شاهقة في قاع المحيط لكن قممها دون سطح المحيط، وتفوق درجة الحرارة في تلك المناطق البركانية النشطة الألف درجة مئوية، ومع اندفاع الصهارة Magma على طول منتصف المحيط تتكون سلسلة الجبال تلك، ويتسع المحيط في كلا الجانبين والذي يعرف بظاهرة امتداد قاع المحيط Spreading Sea-Floor.

وتندفع من هذه الصدوع في قيعان المحيطات الصهارة الصخرية، فلا الماء على كثرته يستطيع أن يطفئ جذوة  الحرارة الملتهبة، ولا هذه الصهارة على ارتفاع درجة حرارتها (أكثر من ألف درجة مئوية) قادرة أن تبخر هذا الماء، وهذه الظاهرة من أكثر ظواهر الأرض إبهاراً للعلماء، وقد قام الباحثون أناتول سجابفتيش ويوري بجدانوف ورونا كلنت بالغوص على بعد 1750 كم من شاطئ ميامي وعلى عمق يزيد عن 3 كم من السطح على متن الغواصة الحديثة ميرا فشاهدوا حمم القاع، وسجلوا درجة حرارة خارج الكوة 231 درجة مئوية، وكانت تتفجر من تحتهم الينابيع الملتهبة.

 

وجه الإعجاز:

وقد تبين أن البراكين الممتدة في قيعان المحيطات أكثر عدداً وأعنف نشاطاً من البراكين على سطح اليابسة، ولا يمكن للمتأمل لسطح البحر المحيط بالعين أن يتصور أن قاعه ملتهب يتأجج بالنيران، فالمعلوم أن الماء يطفئ النار، ولم يتوصل العلم الحديث إلى هذه الحقيقة المدهشة إلا في أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن العشرين، ولذا فإن سبق القرآن العظيم لهذه الحقيقة المدهشة المدفونة في قيعان المحيطات لخير دليل على صدق وحفظ هذا الكتاب الكريم.

لقد ثبت علمياً بعد بحوث متعددة ومشاهدات ميدانية بأن أعماق المحيطات فيها براكين ملتهبة وهي أكثر عدداً وأعنف نشاطاً من البراكين على سطح اليابسة، ولذلك فقيعان تلك البحار تبقى ملتهبة متأججة بالنيران رغم وجود الماء، وهذه الحقيقة المدهشة لم يتوصل إليها العلماء إلا في الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين الماضي، فسبق القرآن العظيم الذكر هذه الحقيقة دليل على ربانية القرآن وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم.