الإسراف في الطعام


الإسراف في الطعام

قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ. قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ الأعراف: 31و32. وفي الحديث الشريف: (ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بدَّ فاعلاً، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) رواه الإمام أحمد والترمذي.

الدلالة النصية:

في كلمات قليلة أوجز القرآن الكريم القاعدة الصحية في الغذاء والتي ينادي بها الطب الحديث، قال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ ففي الإفراط في الطعام إذاً مضرة، وقد حملت الأخبار تفسير تلك المضرة – داعية للاعتدال – عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، ففي الحديث الشريف: (ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا بدَّ فاعلاً، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) رواه الإمام أحمد والترمذي، وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: (إياكم والبطنة في الطعام، فإنها مفسدة للجسم مورثة للسقم)، فمضمون التوجيه إذاً أن الشره آفة تسوق الأمراض وتؤذي الجسم، ويكفي بعض ما يحصيه العلم الحديث من عواقب السمنة.

الحقيقة العلمية:

لقد أثبتت الدراسات المتوالية في مجال الغذاء وأثره على صحة الإنسان أن عواقب النهم في الطعام والشراب وخيمة بل مهلكة لأنها تؤثر بشكل خطير على جهاز الهضم: التخمة وعسر الهضم بتوسع المعدة وظهور التقرحات المعدية وغير ذلك من الآفات، ومن هنا فإن تناول الوجبة الكبيرة مقدمة للشعور بألم الذبحة الصدرية عند المصابين بأمراض الأوعية القلبية بسبب نقص تروية القلب بالدماء وتوجيهها نحو الأمعاء عقب الوجبات، كما أن تناول الدهون بكثرة يعرض للإصابة بتصلب الشرايين ، وكذلك فإن تناول اللحوم بكثرة يعرض عند ذوي الاستعداد الوراثي للإصابة بداء الملوك أو النقرس ، وهكذا فإن السمنة تحد من نشاط الفرد وتقلل من إنتاجه، وهي مقدمة للإصابة بجملة أمراض؛ منها داء البول السكري وارتفاع ضغط الدم ، والسمنة أو البدانة تؤدي إلى خلل في التمثيل الغذائي واضطراب الغدد الصماء نتيجة لتراكم الشحوم، ولم يعد مجهولاً أن للبدانة عواقب وخيمة على جسم الإنسان وصحته حتى أن إحدى شركات التأمين الأمريكية تقرر وفقا للإحصائيات أنه كلما طال حزام البطن كلما كان العمر قصيراً نتيجة الإصابة بالأمراض، ومنها مرض البول السكري حيث إنه يصيب الشخص البدين أكثر من العادي، ونتيجة للبدانة تحل الدهون محل بعض خلايا عضلة القلب مما يؤثر بصورة مباشرة على وظيفته، وقد يتجه البعض لاستخدام العقاقير لإنقاص الوزن لكنها قد تسبب آثاراً جانبية مضرة.

وجه الإعجاز:

لقد تطابق ما انتهى إليه البحث العلمي العميق في مجال التغذية وعلاقتها بصحة الإنسان مع ما أرد إليه النص الشريف من أن الإسراف في تناول الطعام والشراب مفسدة، وأن المنهج الصحيح هو ترك الإسراف.