من أبحاث المؤتمر العالمي الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بدولة الكويت 1427هـ – 2006م

أ.د/ كوثر الأبجي

نائب رئيس جامعة بني سويف- لشئون الدراسات العليا والبحوث

مقدمة

يكمن الإعجاز في تشريع الزكاة في جانبين :

الأول : هو كمال التشريع للوفاء بالغرض الذي انشأ من اجله .

الثاني: هو صلاحية هذا التشريع منذ نزل به القرآن الكريم وفصلته السنة الشريفة منذ اربعة عشر قرنا من الزمان حتى يومنا هذا ، وحتى يوم يرث الله الارض ومن عليها .

وهو اعجاز ربما لا يشعر بقدره وقيمته سوى علماء التشريع المالي والضريبي الذين ما يلبثوا ان يضعوا تشريعا حتى يكتشفوا قصوره وعدم ملاءمة بعض جوانبه ، ومن ثم تظهر الحاجة الى تعديله وتطويره ، وأبلغ واقرب مثالا على ذلك تشريع الزكاة بكل ما يحتويه من قواعد مختلفة تصنع منه أعظم وأكمل تشريع استقطاع مالي بما يثبت حقيقة ظاهرة لكل دارس وباحث وعالم هي انه تشريع من لدن اله عليم حكيم ، وصدق الله تعالى في قوله العزيز ” الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ” الى جانب صلاحية هذا التشريع للتطبيق في كل المجتمعات الانسانية في كل زمان ومكان .

فاذا تطرقنا الى موضوع قدرة تشريع الزكاة على قياس الطاقة المالية للمكلف بما يحقق قواعد فرض الضرائب المعاصرة ، لوجدناه تشريعا متكاملا يحقق الاغراض المبتغاة منه ويصلح للتطبيق في أى زمان ومكان بنفس درجة الكمال حتى انه يمكن الجزم بصلاحيته للتطبيق في الزمان القادم وفي أي دولة متقدمة او نامية على السواء ، وبذلك يصبح تشريع الزكاة نبراسا لكل مشرع مالي او ضريبي يبتغي  تحقيق اعلى درجات العدالة والمقدرة .

وقد تناول الفكر  المالي المعاصر موضوع قياس الطاقة الضريبية من زاوية منح الاعفاءات المختلفة مثل الحوافز الضريبية لتشجيع انشطة بعينها او منعها عن انشطة اخرى بغرض تقليصها ، ومثل الاعباء العائلية التي تخصم قبل الوصول الى وعاء الضريبة على الدخل ، وهي تختلف من مجتمع لاخر في نفس الحقبة الزمنية ، وتختلف في نفس المجتمع من فترة لأخرى مع تغـير الظروف الاقتصادية والاجتماعية .. الخ وهكذا يصـبح ثوب التشريع الضريبي في حاجة دوريا الى الترقيع والتطوير حتى يفي باحـتياجات المجتمع ، فاذا كان هذا التغيير ضرورة لا غنى عنها للمجتمعات المعاصرة فما بال قواعد قياس الطاقة المالية للمكلف في الزكاة بما فيها النصاب ثابتة لا تتغير ؟ صالحة لا تحتاج الى تطوير ولا تبديل ؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ وهو ما يتناوله البحث .         

هدف البحث :

اثبات وجود اعجاز في تشريع قياس الطاقة المالية للمكلف بغرض فرض الزكاة مع التركيز على الإعجاز في تشريع النصاب النقدي المطبق في زكاة الثروة النقدية والثروة التجارية باعتبار النصاب احد وسائل قياس الطاقة المالية ، ويؤكد هذا الاعجاز أن تشريع الزكاة تشريع الهي لا يستطيع أي نظام وضعي ان يأتي بمثله او بأفضل منه .

فروض البحث :    افترض البحث ما يلي :

1-وجود اعجاز في تشريع قياس الطاقة المالية للمكلف في كل من زكاة الثروة النقدية والتجارية بما يحقق أهم قواعد فرض الضريبة .

2-وجود اعجاز في تشريع النصاب النقدي لكل من زكاة الثروة النقدية والتجارية .

ويتم اثبات هذين الفرضين من خلال دراسة الجـوانب الاتية :

1-الاعـجاز في صلاحية قواعـد الزكاة لقياس الطاقة المالية للمكلف في كل زمان ومكان مع أقصى مراعاة لقواعد العدالة والمقدرة والملاءمة .

2-الاعجاز في صلاحية تطبيق شرط النصاب في كل زمان ومكان .

3-عدم استطاعـة التشريعات الضريبية المعاصرة مواكبة الزكاة في قدرتـها على قياس الطاقة المالية العادلة للمكلف ، وفي صلاحيتها للتطبيق في كل زمان ومكان .

منهج البحث : تطلبت حاجة البحث ان ينهج منهجين:

الاول  : استنباطي : للوقوف على قواعد فقه الزكاة بغرض قياس الطاقة المالية للمكلف وصلاحيتها للتطبيق في كل زمان ومكان .

الثاني : استقرائي : يتناول واقع التشريعات المالية المعاصرة من منظور كمال قواعد قياس الطاقة المالية للمكلف ، ومدى ملاءمتها للتطبيق في كل زمان ومكان بحيث تشمل استطلاع النظم الضريبية قبل الاسلام ثم تتناول نموذجين معاصرين للتشريعات الضريبية هما :

– النموذج الضريبي المصري باعتباره اول تشريع ضريبي يطبق في دولة اسلامية .

– النموذج الضريبي الامريكي المطبق في أعظم الامم المعاصرة علما وحضارة .

حدود البحث : يقدم البحث دراسة نظرية وتحليلية لقواعد فقه الزكاة التي تم الاجماع عليها في حدود اثبات فرضي البحث وبذلك لا يتعرض البحث للآراء الفقهية الخلافية للفقهاء .

خطة البحث :   تم تقسيم البحث الى ثلاثة فصول هي :

الفصل الاول : يتناول قواعد قياس الطاقة المالية للمكلف في الزكاة .

الفصل الثاني : يتناول مفهوم النصاب وحكمته وصلاحية تطبيقه في كل مكان وزمان  .

الفصل الثالث : دراسة مقارنة للتشريع الضريبي القديم والمعاصر بخصوص قياس المقدرة المالية للمكلف ومدى صلاحيته لكل زمان ومكان .

 

البحث كاملاً