أهمية الندى (الطل) للنبات


أهمية الندى ( الطل ) للنبات

قال تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾البقرة: 265

 

الحقيقة العلمية:

أثبت العلم حديثاً أن الندى يلعب دوراً مهماً في حياة النبات حيث إن هناك مدد مائي لن ينقطع، وهو الندى الذي تعتمد عليه النباتات أكثر من اعتمادها على مياه الأمطار في بعض البيئات لكونها تستطيع أن تمتص قطرات الماء المتكاثفة على سطح أوراقها (أصول الجغرافيا الزراعية 1406هـ)، ولما له من أهمية كبرى، فإن الوسائل التكنولوجيا الحديثة اتجهت إلى إنشاء مصائد للضباب في سقاية مزروعات المناطق الجافة.

 

وجه الإعجاز:

مما سبق ذكره تتضح لنا أهمية الطل لسقيا النبات، إذا علمنا أن النبات لا يستفيد من المطر إلا إذا تغلغل إلى التربة، وبعدها يمتصه النبات، لذلك فإن المطر الخفيف لا يمكنه الوصول إلى باطن التربة حتى يتمكن النبات من امتصاصه، وقد وضح الله سبحانه وتعالى أهمية الطل في صورة علمية مترابطة ومقننة، حيث ربط الإمداد المائي الذي ذكره بمسمى وابل وطل بالجنة التي معناها أصناف مختلطة من النبات، ومنها ما هو ذو جذور ضحلة، ومنها كذلك ذو جذور عميقة ومتوسطة العمق، وهذا يظهر ما ذكره الخالق من أهمية بالغة للإمداد المائي الحاصل من الندى لتلك النباتات باختلافاتها من أشجار وزروع، والتي لها القدرة على امتصاص الندى من على سطح أوراقها، وهذا ما أثبته العلم حديثاً. ولو كان الإمداد هو المطر الخفيف كما ورد في معنى كلمة (الطل) الذي جاء في تفسير بعض المفسرين، لوجدنا أن هذا الإمداد يفقد جزءاً منه أثناء هطوله بالتبخر، وذلك في طبقات الجو، خصوصاً إذا كان الهواء حاراً، وكذلك لا يمكن أن يستقر هذا المطر على سطح الأوراق بعكس ماء (الندى) الذي يستقر على الأوراق لفترة تمكن النبات من امتصاصه للاستفادة منه، حيث إن النباتات تمتص الندى المتجمع على أوراقها عن طريق أدمة الخلايا العادية، أو عن طريق خلايا متخصصة في بعض المناطق الجافة، وقد يتساوى ما يتجمع من الندى خلال العام بما يعادل حوالي 1.5 بوصة من الأمطار، ويعتبر هذا كافياً لاستحثاث نمو الأنسجة المرستيمية مما يحقق نمو النبات.

ومن السابق يتضح أن ما ذكره الخالق عز وجل عن أهمية الندى للنبات يمثل سابقة علمية وردت في القرآن، وبحساب تاريخها اتضح أن تاريخها ما بين 622م إلى 632م في الوقت الذي اكتشفت فيه هذه الحقيقة حديثاً، وهذا يعني أن هذه الظاهرة البيئية ذكرت في القرآن قبل بداية تاريخ أسس علم البيئة، والذي يقدم لنا بالتالي نموذجاً من نماذج الإعجاز العلمي في هذا الكتاب الكريم.