أنواع الرياح
قال تعالى: ﴿إِنْ يَشَأْ يُسْكِنْ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾الشورى:33، وقال تعالى: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾ ص:36، وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾يونس:22، وقال تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾الحجر:22، وقال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾الروم:46، وقال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾ إبراهيم:18، وقال تعالى: ﴿فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنْ الرِّيحِ﴾ الإسراء:69، وقال تعالى: ﴿جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمْ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ﴾يونس:22، وقال تعالى: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾الحاقة:6، وقال تعالى: ﴿فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ﴾ البقرة:266.
الدلالة النصية :
في هذه الآيات الكريمة ورد ذكر أسماء عدة للهواء في حالته المتحركة بحسب قوة جريانه مابين رياح لطيفة طيبة وريح عاصفة وقاصفة وبين هذه وتلك أنواع أخرى، ومن هذا القبيل نلاحظ كلام ابن جزيء الكلبي في كتابه التسهيل حول قوله تعالى: ( والمرسلات عرفا ، فالعاصفات عصفا..) حيث يقول: “إنها الرياح سماها المرسلات لقوله: (الله الذي يرسل الرياح)، وسماها : العاصفات . عن قوله : ريح عاصف أي: شديدة ، وسماها : الناشرات . لأنها تنشر السحاب في الجو ، ومن قوله : (يرسل الرياح فتثير سحاباً) ، وسماها : الفارقات لأنها تفرق بين السحاب ، ومنه قوله : (فيجعله كسفاً) . وأما الملقيات ذكرا فهم الملائكة ، لأنهم يلقون الذكر للأنبياء عليهم السلام . والأظهر من المرسلات والعاصفات أنها الرياح لأن وصف الريح بالعصف حقيقة ، والأظهر في الناشرات والفارقات أنها الملائكة.
الدلالة العلمية :
لقد استطاع علماء الأرصاد وغيرهم أن يكتشفوا حديثاً مايسمى بالرياح النفاثة ….. على ارتفاعات عالية في الجو وهي متموجة الشكل ، وعندما تتكون تلك التيارات فإن العاصفة تتبعها عند إلتقاء كتل هوائية باردة وأخرى ساخنة، وتكون قوية بحيث يصدق عليها الوصف بأنها عواصف .
ولقد قام العلماء حديثا بتصنيف الرياح وفق شدتها وآثارها وقاسوا قوتها وفق ما يعرف بمقياس بيفورت، وقسمت على النحو التالي: الريح الساكنة وقوتها صفر، النسيم الخفيف وقوته 1، النسيم اللطيف وقوته 2، النسيم المعتدل وقوته 3، النسيم النشيط وقوته 4، النسيم القوي الشديد وقوته 5، العاصفة المعتدلة وقوتها 6، العاصفة الناهضة وقوتها 7، العاصفة الشديدة وقوتها 8، العاصفة الهوجاء وقوتها 9، الزوبعة وقوتها 10 ، و أخيرا الإعصار وقوته 1 1 والمده شأن القرآن الكريم قد استوعب تصنيف الرياح، وذكر كافة الأنواع التي صنفت علميا حديثا:
وهكذا ذكرت كلمة ريح في القرآن ثمان عشرة مرة متضمنة مصطلحات: ريح طيبة، ريح رخاء، ريح جارية، ريح فيها صر، ريح صرصر، ريح عاصف، قاصف من الريح، ريح ساكنة، ريح عقيم، ريح عاتية، ريح مصفرة، أما كلمة الرياح فقد وردت عشر مرات متضمنة الرياح المبشرات، تصريف الرياح، الرياح المثيرة سحابا، الرياح لواقح، الرياح الذارية، ومن المدهش حقا ذلك التوافق التام بين التقسيم المعاصر لقوى الرياح وبين أنواعها التي ذكرها القرآن الكريم باستيعاب تام لا يصدر إلا عن وحي.
وجه الإعجاز :
إن ذكر أنواع الرياح في القرآن الكريم قد جاء مطابقاً لما انتهى إليه علماء الأرصاد من تقسيم الرياح إلى أنواع حسب شدتها وآثارها مع أن ما انتهوا إليه إنما كان في الأزمنة المتأخرة وبما أن البشر كانوا على جهالة تامة بذلك التقسيم تبعاً للتفاوت فيما بينهما فإن حصول ذلك التطابق بين وصفها في القرآن الكريم وتلك الحقائق، فيه إعجاز علمي ظاهر.